وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَسَرَّ أَمْرَ الْخِلَافَةِ بَعْدَهُ فَحَدَّثَتْ بِهِ حَفْصَةُ (?) . قَالَ الْكَلْبِيُّ: أَسَرَّ إِلَيْهَا أَنَّ أَبَاكِ وَأَبَا عَائِشَةَ يَكُونَانِ خَلِيفَتَيْنِ عَلَى أُمَّتِي مِنْ بَعْدِي. وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: أَسَرَّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي (?) .

{فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} أَخْبَرَتْ بِهِ حَفْصَةُ عَائِشَةَ {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ} أَيْ أَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَى أَنَّهَا أَنْبَأَتْ بِهِ {عَرَّفَ بَعْضَهُ} قَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ وَالْكِسَائِيُّ: "عَرَفَ" بِتَخْفِيفِ الرَّاءِ، أَيْ: عَرَفَ بَعْضَ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَتْهُ مِنْ إِفْشَاءِ سِرِّهِ، أَيْ: غَضِبَ مِنْ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَجَازَاهَا بِهِ، مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ لِمَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ: لِأَعْرِفَنَّ لَكَ مَا فَعَلْتَ، أَيْ: لِأُجَازِيَنَّكَ عَلَيْهِ، وَجَازَاهَا بِهِ عَلَيْهِ بِأَنْ طَلَّقَهَا فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ قَالَ: لَوْ كَانَ فِي آلِ الْخَطَّابِ خَيْرٌ لَمَا طَلَّقَكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَجَاءَ جِبْرِيلُ وَأَمَرَهُ بِمُرَاجَعَتِهَا وَاعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ شَهْرًا وَقَعَدَ فِي مَشْرُبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ مَارِيَةَ، حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ (?) .

وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ وَإِنَّمَا هَمَّ بِطَلَاقِهَا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ: لَا تُطَلِّقْهَا فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ وَإِنَّهَا مِنْ نِسَائِكَ فِي الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُطَلِّقْهَا.

وَقَرَأَ الْآخَرُونَ "عَرَّفَ" بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: عَرَّفَ حَفْصَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ، أَيْ أَخْبَرَهَا بِبَعْضِ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهَا.

{وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} يَعْنِي لَمْ يُعَرِّفْهَا إِيَّاهُ، وَلَمْ يُخْبِرْهَا بِهِ. قَالَ الْحَسَنُ: مَا اسْتَقْصَى كَرِيمٌ قَطُّ (?) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى الْكَرَاهِيَةَ فِي وَجْهِ حَفْصَةَ أَرَادَ أَنْ يَتَرَاضَاهَا فَأَسَرَّ إِلَيْهَا شَيْئَيْنِ: تَحْرِيمَ الْأَمَةِ عَلَى نَفْسِهِ، وَتَبْشِيرَهَا بِأَنَّ الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ فِي أَبِي بَكْرٍ وَفِي أَبِيهَا عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَأَخْبَرَتْ بِهِ حَفْصَةُ عَائِشَةَ وَأَطْلَعَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ عَلَيْهِ، عَرَّفَ [بَعْضَهُ] (?) حَفْصَةَ وَأَخْبَرَهَا بِبَعْضِ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ عَائِشَةُ وَهُوَ تَحْرِيمُ الْأَمَةِ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ، يَعْنِي ذِكْرَ الْخِلَافَةِ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْتَشِرَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ {فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ} أَيْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015