اللِّسَانِ، فَإِذَا قَالَ سَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ. {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} أَشْبَاحٌ بِلَا أَرْوَاحٍ وَأَجْسَامٌ بِلَا أَحْلَامٍ. قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ: "خُشْبٌ" بِسُكُونِ الشِّينِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِضَمِّهَا.
{مُسَنَّدَةٌ} مُمَالَةٌ إِلَى جِدَارٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَسْنَدْتُ الشَّيْءَ، إِذَا أَمَلْتُهُ، وَالتَّثْقِيلُ لِلتَّكْثِيرِ، وَأَرَادَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَشْجَارٍ تُثْمِرُ، وَلَكِنَّهَا خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ إِلَى حَائِطٍ، {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ} أَيْ لَا يَسْمَعُونَ صَوْتًا فِي الْعَسْكَرِ بِأَنْ نَادَى مُنَادٍ أَوِ انْفَلَتَتْ دَابَّةٌ وَأُنْشِدَتْ ضَالَّةٌ، إِلَّا ظَنُّوا -مِنْ جُبْنِهِمْ وَسُوءِ ظَنِّهِمْ -أَنَّهُمْ يُرَادُونَ بِذَلِكَ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ أُتُوا، لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ.
وَقِيلَ: ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ عَلَى وَجَلٍ مِنْ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ فِيهِمْ أَمْرًا يَهْتِكُ أَسْتَارَهُمْ وَيُبِيحُ دِمَاءَهُمْ ثُمَّ قَالَ: {هُمُ الْعَدُوُّ} وَهَذَا ابْتِدَاءٌ وَخَبَرُهُ، {فَاحْذَرْهُمْ} وَلَا تَأْمَنْهُمْ، {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} لَعَنَهُمُ اللَّهُ {أَنَّى يُؤْفَكُونَ} يُصْرَفُونَ عَنِ الْحَقِّ.