{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) }
{فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} ، قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: مَعْنَاهُ: أُقْسِمُ وَ"لَا" صِلَةٌ، وَكَانَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ يَقْرَأُ: فَلَأُقْسِمُ عَلَى التَّحْقِيقِ. وَقِيلَ: قَوْلُهُ "فَلَا " رَدٌّ لِمَا قَالَهُ الْكُفَّارُ فِي الْقُرْآنِ إِنَّهُ سِحْرٌ وَشِعْرٌ وَكَهَانَةٌ، مَعْنَاهُ: لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُونَ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقَسَمَ، فَقَالَ: {أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: "بِمَوْقِعِ" عَلَى التَّوْحِيدِ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِمَوَاقِعِ عَلَى الْجَمْعِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرَادَ نُجُومَ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَفَرِّقًا نُجُومًا. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ مَغَارِبَ النُّجُومِ وَمَسَاقِطَهَا. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: أَرَادَ مَنَازِلَهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَرَادَ انْكِدَارَهَا وَانْتِثَارَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
{وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ إِنَّهُ} ، يَعْنِي هَذَا الْكِتَابَ وَهُوَ مَوْضِعُ الْقَسَمِ. {لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} عَزِيزٌ مَكْرَمٌ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ المعاني: الكريم الذين مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْطِيَ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ. {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} مَصُونٍ عِنْدَ اللَّهِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، مَحْفُوظٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ.