وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الثُّلَّتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالضَّحَّاكِ، قَالُوا: "ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ" مِنْ سَابِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ "وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ" مِنْ آخَرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السُّنِّيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: "ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُمَا جَمِيعًا مِنْ أُمَّتِي" (?)
{وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (45) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (46) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) }
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ فِي سَمُومٍ} رِيحٍ حَارَّةٍ {وَحَمِيمٍ} مَاءٍ حَارٍّ {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} دُخَانٍ شَدِيدِ السَّوَادِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَسْوَدُ يَحْمُومٌ إِذَا كَانَ شَدِيدَ السَّوَادِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: النَّارُ سَوْدَاءُ وَأَهْلُهَا سُودٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِيهَا أَسْوَدُ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: "الْيَحْمُومُ" اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ النَّارِ. {لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ} قَالَ قَتَادَةُ: لَا بَارِدَ الْمَنْزِلِ وَلَا كَرِيمَ الْمَنْظَرِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: وَلَا كَرِيمَ وَلَا حَسَنَ نَظِيرُهُ "مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ" (الشُّعَرَاءِ -7) . وَقَالَ مُقَاتِلٌ: طَيِّبٌ. {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ} يَعْنِي فِي الدُّنْيَا {مُتْرَفِينَ} مُنَعَّمِينَ. {وَكَانُوا يُصِرُّونَ} يُقِيمُونَ {عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ} عَلَى الذَّنْبِ الْكَبِيرِ وَهُوَ الشِّرْكُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: "الْحِنْثِ الْعَظِيمِ" الْيَمِينِ الْغَمُوسِ. وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّهُمْ كَانُوا يَحْلِفُونَ أَنَّهُمْ لَا يُبْعَثُونَ وَكَذَبُوا فِي ذَلِكَ. {وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَك، نَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَنَافِعُ