{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) }
{يَطُوفُ عَلَيْهِمْ} لِلْخِدْمَةِ {وِلْدَانٌ} [غِلْمَانٌ] (?) {مُخَلَّدُونَ} لَا يَمُوتُونَ وَلَا يَهْرَمُونَ وَلَا يَتَغَيَّرُونَ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: [تَقُولُ الْعَرَبُ لِمَنْ كَبِرَ وَلَمْ يَشْمَطْ: إِنَّهُ مُخَلَّدٌ] (?) .
قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: يَعْنِي وِلْدَانًا لَا يُحَوَّلُونَ مِنْ حَالَةٍ إِلَى حَالَةٍ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مُقَرَّطُونَ، يُقَالُ: خَلَّدَ جَارِيَتَهُ إِذَا حَلَّاهَا بِالْخِلْدِ، وَهُوَ الْقِرْطُ (?) .
قَالَ الْحَسَنُ: هُمْ أَوْلَادُ أَهْلِ الدُّنْيَا لَمْ تَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَيُثَابُوا عَلَيْهَا وَلَا سَيِّئَاتٌ فَيُعَاقَبُوا عَلَيْهَا لِأَنَّ الْجَنَّةَ لَا وِلَادَةَ فِيهَا فَهُمْ خُدَّامُ أَهْلِ الْجَنَّةِ (?) . {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ} فَالْأَكْوَابُ: جَمْعُ كُوبٍ، وَهِيَ الْأَقْدَاحُ الْمُسْتَدِيرَةُ الْأَفْوَاهِ، لَا آذَانَ لَهَا وَلَا عُرًى، وَالْأَبَارِيقُ وَهِيَ: ذَوَاتُ الْخَرَاطِيمِ، سُمِّيَتْ أَبَارِيقَ لِبَرِيقِ لَوْنِهَا مِنَ الصَّفَاءِ. {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ} خَمْرٍ جَارِيَةٍ. {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} لَا تَصَّدَّعُ رُءُوسُهُمْ مِنْ شُرْبِهَا {وَلَا يُنْزِفُونَ} أَيْ لَا يَسْكَرُونَ [هَذَا إِذَا قُرِئَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَمَنْ كَسَرَ فَمَعْنَاهُ لَا يَنْفَدُ شَرَابُهُمْ] (?) . {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} يَخْتَارُونَ مَا يَشْتَهُونَ يُقَالُ تَخَيَّرْتُ الشَّيْءَ إِذَا أَخَذْتُ خَيْرَهُ. {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَخْطُرُ عَلَى قَلْبِهِ لَحْمُ الطَّيْرِ فَيَصِيرُ مُمَثَّلًا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى مَا اشْتَهَى وَيُقَالُ إِنَّهُ يَقَعُ عَلَى صَحْفَةِ الرَّجُلِ فَيَأْكُلُ مِنْهُ مَا يَشْتَهِي ثُمَّ يَطِيرُ فَيَذْهَبُ. {وَحُورٌ عِينٌ} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالنُّونِ، أَيْ: وَبِحُورٍ عِينٍ، أَتْبَعَهُ قَوْلَهُ: "بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ" وَفَاكِهَةٍ وَلَحْمِ طَيْرٍ" فِي الْإِعْرَابِ وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الْمَعْنَى لِأَنَّ الْحُورَ لَا يُطَافُ بِهِنَّ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: إِذَا مَا الْغَانِيَاتُ بَرَزْنَ يَوْمًا ... وَزَجَّجْنَ الْحَوَاجِبَ وَالْعُيُونَا (?)