33

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: "اللَّمَمُ" عَلَى وَجْهَيْنِ: كُلُّ ذَنْبٍ لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ عَلَيْهِ حَدًّا فِي الدُّنْيَا وَلَا عَذَابًا فِي الْآخِرَةِ، فَذَلِكَ الَّذِي تُكَفِّرُهُ الصَّلَوَاتُ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْكَبَائِرَ وَالْفَوَاحِشَ (?) ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ هُوَ: الذَّنْبُ الْعَظِيمُ يُلِمُّ بِهِ الْمُسْلِمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَيَتُوبُ مِنْهُ (?) .

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: هُوَ مَا لَمَّ عَلَى الْقَلْبِ أَيْ خَطَرَ (?) .

وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: "اللَّمَمُ" النَّظْرَةُ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ، فَهُوَ مَغْفُورٌ، فَإِنْ أَعَادَ النَّظْرَةَ فَلَيْسَ بِلَمَمٍ وَهُوَ ذَنْبٌ (?) .

{إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَتَابَ، تَمَّ الْكَلَامُ هَاهُنَا، ثُمَّ قَالَ: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} أَيْ خَلَقَ أَبَاكُمْ آدَمَ مِنَ التُّرَابِ {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ} جَمْعُ جَنِينٍ، سُمِّيَ جَنِينًا لِاجْتِنَانِهِ فِي الْبَطْنِ {فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَمْدَحُوهَا. قَالَ الْحَسَنُ: عَلِمَ اللَّهُ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ مَا هِيَ صَانِعَةٌ وَإِلَى مَا هِيَ صَائِرَةٌ، فَلَا تُزَكُّوا أنفسكم، لا تبرؤوها عَنِ الْآثَامِ، وَلَا تَمْدَحُوهَا بِحُسْنِ أَعْمَالِهَا (?) .

قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: كَانَ النَّاسُ يَعْمَلُونَ أَعْمَالًا حَسَنَةً ثُمَّ يَقُولُونَ: صَلَاتُنَا وَصِيَامُنَا وَحَجُّنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ (?) {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} أَيْ: بَرَّ وَأَطَاعَ وَأَخْلَصَ الْعَمَلَ لِلَّهِ تَعَالَى.

{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) }

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، كَانَ قَدِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دِينِهِ فَعَيَّرَهُ بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ لَهُ: أَتَرَكْتَ دِينَ الْأَشْيَاخِ وَضَلَلْتَهُمْ؟ قَالَ: إِنِّي خَشِيتُ عَذَابَ اللَّهِ، فَضَمِنَ الَّذِي عَاتَبَهُ إِنْ هُوَ [وَافَقَهُ] (?) أَعْطَاهُ كَذَا مِنْ مَالِهِ وَرَجَعَ إِلَى شِرْكِهِ أَنْ يَتَحَمَّلَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015