20

يَا عِزُّ كُفْرَانَكَ لَا سُبْحَانَكْ

إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكْ

فَخَرَجَتْ مِنْهَا شَيْطَانَةٌ نَاشِرَةً شَعْرَهَا دَاعِيَةً وَيْلَهَا وَاضِعَةً يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا.

وَيُقَالُ: إِنْ خَالِدًا رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قَدْ قَلَعْتُهَا، فَقَالَ: مَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا قَلَعْتَ، فَعَاوِدْهَا فَعَادَ إِلَيْهَا وَمَعَهُ الْمِعْوَلُ فَقَلَعَهَا وَاجْتَثَّ أَصْلَهَا فَخَرَجَتْ مِنْهَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ، فَقَتَلَهَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: "تِلْكَ الْعُزَّى وَلَنْ تُعْبَدَ أَبَدًا" (?) .

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هِيَ صَنَمٌ لِغَطَفَانَ وَضَعَهَا لَهُمْ سَعْدُ بْنُ ظَالِمٍ الْغَطَفَانِيُّ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدِمَ مَكَّةَ فَرَأَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، وَرَأَى أَهْلَ مَكَّةَ يَطُوفُونَ بَيْنَهُمَا، فَعَادَ إِلَى بَطْنِ نَخْلَةَ، وَقَالَ لِقَوْمِهِ: إِنَّ لِأَهْلِ مَكَّةَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ وَلَيْسَتَا لَكُمْ، وَلَهُمْ إِلَهٌ يَعْبُدُونَهُ وَلَيْسَ لَكُمْ، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: أَنَا أَصْنَعُ لَكُمْ كَذَلِكَ، فَأَخَذَ حَجَرًا مِنْ الصَّفَا وَحَجَرًا مِنْ الْمَرْوَةِ وَنَقْلَهُمَا إِلَى نَخْلَةَ، فَوَضْعَ الَّذِي أَخَذَ مِنَ الصَّفَا، فَقَالَ: هَذَا الصَّفَا، ثُمَّ وَضَعَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَ الْمَرْوَةِ، فَقَالَ: هَذِهِ الْمَرْوَةُ، ثُمَّ أَخَذَ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ فَأَسْنَدَهَا إِلَى شَجَرَةٍ، فَقَالَ: هَذَا رَبُّكُمْ، فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ وَيَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ، حَتَّى افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَأَمَرَ بِرَفْعِ الْحِجَارَةِ، وَبَعْثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الْعُزَّى فَقَطَعَهَا.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هِيَ بَيْتٌ بِالطَّائِفِ كَانَتْ تَعْبُدُهُ ثَقِيفٌ.

{وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) }

{وَمَنَاةَ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِالْمَدِّ وَالْهَمْزَةِ، وَقَرَأَ الْعَامَّةُ بِالْقَصْرِ غَيْرِ مَهْمُوزٍ، لِأَنَّ الْعَرَبَ سَمَّتْ زَيْدَ مَنَاةَ وَعَبْدَ مَنَاةَ، وَلَمْ يُسْمَعْ فِيهَا الْمَدُّ. قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ لِخُزَاعَةَ كَانَتْ بِقُدَيْدٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي الْأَنْصَارِ: كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ حَذْوَ قُدَيْدٍ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: بَيْتٌ كَانَ بِالْمُشَلَّلِ يَعْبُدُهُ بْنُو كَعْبٍ. قَالَ الضَّحَّاكُ: مَنَاةُ صَنَمٌ لِهُذَيْلٍ وَخُزَاعَةَ يَعْبُدُهَا أَهْلُ مَكَّةَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَنَاةُ: أَصْنَامٌ مِنْ حِجَارَةٍ كَانَتْ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ يَعْبُدُونَهَا (?) .

وَاخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِي الْوَقْفِ عَلَى اللَّاتِ وَمَنَاةَ: فَوَقَفَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِمَا بِالْهَاءِ وَبَعْضُهُمْ بِالتَّاءِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا كُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ بِالتَّاءِ يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالتَّاءِ، وَمَا كَتَبَ بِالْهَاءِ فَيُوقَفُ عَلَيْهِ بِالْهَاءِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015