5

يَكُونُ بَعْدَهُ جِهَادٌ وَلَا قِتَالٌ، وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ عِيسَى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ". (?)

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُسَالِمُوا.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ: حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا مُسْلِمٌ أَوْ مُسَالِمٌ.

{ذَلِكَ} الَّذِي ذَكَرْتُ وَبَيَّنْتُ مِنْ حُكْمِ الْكُفَّارِ، {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} فَأَهْلَكَهُمْ وَكَفَاكُمْ أَمْرَهُمْ بِغَيْرِ قِتَالٍ، {وَلَكِنْ} أَمَرَكُمْ بِالْقِتَالِ، {لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} فَيَصِيرُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى الثَّوَابِ وَمَنْ قَتَلَ مِنَ الْكَافِرِينَ إِلَى الْعَذَابِ، {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَحَفْصٌ: "قُتِلُوا" بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ التَّاءِ خَفِيفٌ، يَعْنِي الشُّهَدَاءَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: "قَاتَلُوا" بِالْأَلْفِ مِنَ الْمُقَاتَلَةِ، وَهُمُ الْمُجَاهِدُونَ، {فَلَنْ يُضِلَ أَعْمَالَهُمْ} قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَدْ فَشَتْ فِي الْمُسْلِمِينَ الْجِرَاحَاتُ وَالْقَتْلُ. (?)

{سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) }

{سَيَهْدِيهِمْ} أَيَّامَ حَيَاتِهِمْ فِي الدُّنْيَا إِلَى أَرْشَدِ الْأُمُورِ، وَفِي الْآخِرَةِ إِلَى الدَّرَجَاتِ، {وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} يُرْضِي خُصَمَاءَهُمْ وَيَقْبَلُ أَعْمَالَهُمْ.

{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} أَيْ بَيَّنَ لَهُمْ مَنَازِلَهُمْ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى يَهْتَدُوا إِلَى مساكنهم لا يخطؤون ولا يَسْتَدِلُّونَ عَلَيْهَا أَحَدًا كَأَنَّهُمْ سُكَّانُهَا مُنْذُ خُلِقُوا، فَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ أَهْدَى إِلَى دَرَجَتِهِ، وَزَوْجَتِهِ وَخَدَمِهِ مِنْهُ إِلَى مَنْزِلِهِ وَأَهْلِهِ فِي الدُّنْيَا، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ.

وَرَوَى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "عَرَّفَهَا لَهُمْ" أَيْ طَيَّبَهَا لَهُمْ، مِنَ الْعَرْفِ، وَهُوَ الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ، وَطَعَامٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015