23

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) }

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: ذَلِكَ الْكَافِرُ اتَّخَذَ دِينَهُ مَا يَهْوَاهُ، فَلَا يَهْوَى شَيْئًا إِلَّا رَكِبَهُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَلَا يَخَافُهُ، وَلَا يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ اتَّخَذَ مَعْبُودَهُ هَوَاهُ فَيَعْبُدُ مَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَانَتِ الْعَرَبُ يَعْبُدُونَ الْحِجَارَةَ وَالذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَإِذَا وَجَدُوا شَيْئًا أَحْسَنَ مِنَ الْأَوَّلِ رَمَوْهُ أَوْ كَسَرُوهُ، وَعَبَدُوا الْآخَرَ (?) .

قَالَ الشِّعْبِيُّ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْهَوَى لِأَنَّهُ يَهْوِي بِصَاحِبِهِ فِي النَّارِ (?) .

{وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} مِنْهُ بِعَاقِبَةِ أَمْرِهِ، وَقِيلَ عَلَى مَا سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّهُ ضَالٌّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ، {وَخَتَمَ} طَبَعَ، {عَلَى سَمْعِهِ} فَلَمْ يَسْمَعِ الْهُدَى، {وَقَلْبِهِ} فَلَمْ يَعْقِلِ الْهُدَى، {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ "غَشْوَةً" بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الشِّينِ، وَالْبَاقُونَ "غِشَاوَةً" ظُلْمَةً فَهُوَ لَا يُبْصِرُ الْهُدَى، {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} [أَيْ فَمَنْ يَهْدِيهِ] (?) بَعْدَ أَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ، {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} .

{وَقَالُوا} يَعْنِي مُنْكِرِي الْبَعْثِ، {مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا} أَيْ مَا الْحَيَاةُ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا، {نَمُوتُ وَنَحْيَا} أَيْ يَمُوتُ الْآبَاءُ وَيَحْيَا الْأَبْنَاءُ، وَقَالَ الزُّجَاجُ: يَعْنِي نَمُوتُ وَنَحْيَا، فَالْوَاوُ لِلِاجْتِمَاعِ، {وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} أَيْ وَمَا يُفْنِينَا إِلَّا مَرُّ الزَّمَانِ وَطُولُ الْعُمْرِ وَاخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. {وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ} الَّذِي قَالُوهُ، {مِنْ عِلْمٍ} أَيْ لَمْ يَقُولُوهُ عَنْ عِلْمٍ [عَلِمُوهُ] (?) {إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} .

أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّشٌ الزِّيَادِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَقُلِ ابْنُ آدَمَ يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ، فَإِنِّي أَنَا الدَّهْرُ، أُرْسِلُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، فَإِذَا شِئْتُ قَبْضَتُهُمَا" (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015