12

{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12) وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (14) }

{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ} مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ وَأَصْحَابُهُ، {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} شَكٌّ وَضَعْفُ اعْتِقَادٍ: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ النِّفَاقِ: يَعِدُنَا مُحَمَّدٌ فَتْحَ قُصُورِ الشَّامِ وَفَارِسَ وَأَحَدُنَا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُجَاوِزَ رَحْلَهُ، هَذَا وَاللَّهِ الْغُرُورُ. {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ} أَيْ: مِنَ الْمُنَافِقِينَ، وَهُمْ أَوْسُ بْنُ قَيْظِيٍّ وَأَصْحَابُهُ، {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ} يَعْنِي الْمَدِينَةَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: "يَثْرِبُ": اسْمُ أَرْضٍ، وَمَدِينَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا.

وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُسَمَّى الْمَدِينَةُ يَثْرِبَ، وَقَالَ: "هِيَ طَابَةُ"، كَأَنَّهُ كَرِهَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ (?) .

{لَا مُقَامَ لَكُمْ} قَرَأَ الْعَامَّةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، أي: لا مكانه لَكُمْ تَنْزِلُونَ وَتُقِيمُونَ فِيهِ، وَقَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَحَفْصٌ: بِضَمِّ الْمِيمِ، أَيْ: لَا إِقَامَةَ لَكُمْ، {فَارْجِعُوا} ؛ إِلَى مَنَازِلِكُمْ عَنِ اتِّبَاعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقِيلَ: عَنِ الْقِتَالِ إِلَى مَسَاكِنِكُمْ.

{وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ} وَهُمْ بَنُو حَارِثَةَ وَبَنُو سَلَمَةَ، {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} أَيْ: خَالِيَةٌ ضَائِعَةٌ، وَهُوَ مِمَّا يَلِي الْعَدُوَّ نَخْشَى عَلَيْهَا السُّرَّاقَ. وَقَرَأَ أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ "عَوِرَةٌ" بِكَسْرِ الْوَاوِ، أَيْ: قَصِيرَةَ الْجُدْرَانِ يَسْهُلُ دُخُولُ السُّرَّاقِ عَلَيْهَا، فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ فَقَالَ: {وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} أَيْ: مَا يُرِيدُونَ إِلَّا الْفِرَارَ. {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ} أَيْ: لَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمُ الْمَدِينَةَ، يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْجُيُوشَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ قِتَالَهُمْ، وَهُمُ الْأَحْزَابُ، {مِنْ أَقْطَارِهَا} جَوَانِبِهَا وَنَوَاحِيهَا جَمْعُ قُطْرٍ، {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ} أَيْ: الشِّرْكَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015