{مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207) وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (209) وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) }
{لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ} أَيْ: بِالْقُرْآنِ، {حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} يَعْنِي: عِنْدَ الْمَوْتِ. {فَيَأْتِيَهُمْ} يَعْنِي: الْعَذَابَ، {بَغْتَةً} فَجْأَةً، {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} بِهِ فِي الدُّنْيَا. {فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ} أَيْ: لِنُؤْمِنَ وَنُصَدِّقَ، يَتَمَنَّوْنَ الرَّجْعَةَ وَالنَّظِرَةَ. قَالَ مُقَاتِلٌ: لَمَّا أَوْعَدَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَذَابِ، قَالُوا: إِلَى مَتَى تُوعِدُنَا بِالْعَذَابِ؟ مَتَى هَذَا الْعَذَابُ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ} كَثِيرَةً فِي الدُّنْيَا، يَعْنِي: كُفَّارَ مَكَّةَ، وَلَمْ نُهْلِكْهُمْ. {ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ} يَعْنِي: بِالْعَذَابِ. {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} بِهِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ وَإِنْ طَالَ تَمَتُّعُهُمْ بِنَعِيمِ الدُّنْيَا فَإِذَا أَتَاهُمُ الْعَذَابُ لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ طُولُ التَّمَتُّعِ شَيْئًا، وَيَكُونُ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا فِي نَعِيمٍ قَطُّ. {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَهَا مُنْذِرُونَ} رُسُلٌ يُنْذِرُونَهُمْ. {ذِكْرَى} مَحَلُّهَا نَصْبٌ، أَيْ: يُنْذِرُونَهُمْ، تَذْكِرَةً، وَقِيلَ: رَفْعٌ أَيْ: تِلْكَ ذِكْرَى، {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} فِي تَعْذِيبِهِمْ حَيْثُ قَدَّمْنَا الْحُجَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَعْذَرْنَا إِلَيْهِمْ. {وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ} وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّ الشَّيَاطِينَ يُلْقُونَ الْقُرْآنَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: "وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ"، أَيْ: بِالْقُرْآنِ، الشَّيَاطِينُ. {وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ} أَنْ يُنَزَّلُوا بِالْقُرْآنِ، {وَمَا يَسْتَطِيعُونَ} ذَلِكَ. {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ} أَيْ: عَنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ مِنَ السَّمَاءِ، {لَمَعْزُولُونَ} أَيْ: مَحْجُوبُونَ بِالشُّهُبِ مَرْجُومُونَ. {فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: يُحَذِّرُ