33

{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) }

{وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ} أَيِ الْمَصِيرِ إِلَى الْآخِرَةِ، {وَأَتْرَفْنَاهُمْ} نَعَّمْنَاهُمْ وَوَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ، {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} أَيْ: مِمَّا تَشْرَبُونَ مِنْهُ. {وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} لَمَغْبُونُونَ. {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} مِنْ قُبُورِكُمْ أَحْيَاءً وَأَعَادَ "أَنَّكُمْ" لَمَّا طَالَ الْكَلَامُ، وَمَعْنَى الْكَلَامِ: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا مُخْرَجُونَ؟ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ، نَظِيرُهُ فِي الْقُرْآنِ: "أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا" (التَّوْبَةِ -63) . {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ كَلِمَةُ بُعْدٍ، أَيْ: بَعِيدٌ مَا تُوعِدُونَ، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ "هَيْهَاتِ هَيْهَاتِ" بِكَسْرِ التَّاءِ، وَقَرَأَ نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ بِالضَّمِّ، وَكُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ فَمَنْ نَصَبَ جَعْلَهُ مِثْلَ أَيْنَ وَكَيْفَ، وَمَنْ رَفَعَ جَعَلَهُ مِثْلَ مُنْذُ وَقَطُّ وَحَيْثُ، وَمَنْ كَسَرَ جَعَلَهُ مِثْلَ أَمْسِ وَهَؤُلَاءِ، وَوَقَفَ عَلَيْهَا أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ بِالتَّاءِ، وَيُرْوَى عَنِ الْكِسَائِيِّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ. {إِنْ هِيَ} يَعْنُونَ الدُّنْيَا، {إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} قِيلَ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، أَيْ: نَحْيَا وَنَمُوتُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ الْبَعْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ. وَقِيلَ: يَمُوتُ الْآبَاءُ وَيَحْيَا الْأَبْنَاءُ. وَقِيلَ: يَمُوتُ قَوْمٌ وَيَحْيَا قَوْمٌ. {وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} بِمُنْشَرِينَ بَعْدَ الْمَوْتِ. {إِنْ هُوَ} يَعْنِي الرَّسُولَ، {إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} بِمُصَدِّقِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ. {قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ} .

{قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41) ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قُرُونًا آخَرِينَ (42) }

طور بواسطة نورين ميديا © 2015