مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ {لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} أَيْ يَحْضُرُونَ عِقَابَهُ وَمَا يُصْنَعُ بِهِ
{قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) }
فِلَمَّا أَتَوْا بِهِ، {قَالُوا} لَهُ {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ} ؟:. {قَالَ} إِبْرَاهِيمُ، {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} غَضِبَ مِنْ أَنْ تَعْبُدُوا مَعَهُ هَذِهِ الصِّغَارَ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا فَكَسَّرَهُنَّ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ إِقَامَةَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ} حَتَّى يُخْبَرُوا مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ.
قَالَ القُتَيْبِيُّ: مَعْنَاهُ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ، فَجَعَلَ النُّطْقَ شَرْطًا لِلْفِعْلِ، أَيْ إِنْ قَدَرُوا عَلَى النُّطْقِ قَدَرُوا عَلَى الْفِعْلِ، فَأَرَاهُمْ عَجْزَهُمْ عَنِ النُّطْقِ، وَفِي [ضِمْنِهِ] (?) أَنَا فَعَلْتُ،.
وَرُوِيَ عَنِ الْكِسَائِيُّ أَنَّهُ كَانَ يَقِفُ عِنْدَ قَوْلِهِ {بَلْ فَعَلَهُ} وَيَقُولُ: مَعْنَاهُ [فَعَلَهُ] (?) مَنْ فَعَلَهُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ، اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ فِي ذَاتِ اللَّهِ، قَوْلُهُ: {إِنِّي سَقِيمٌ} (الصَّافَاتِ: 89) ، وَقَوْلُهُ: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} وَقَوْلُهُ لِسَارَةَ {هَذِهِ أُخْتِي} (?) وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: {إِنِّي سَقِيمٌ} أَيْ سَأَسْقُمُ، وَقِيلَ: سَقِمُ الْقَلْبِ أَيْ مُغْتَمٌ بِضَلَالَتِكُمْ، وَقَوْلُهُ لِسَارَةَ: هَذِهِ أُخْتِي أَيْ فِي الدِّينِ، وَهَذِهِ التَّأْوِيلَاتُ لِنَفْيِ الْكَذِبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَالْأَوْلَى هُوَ الْأَوَّلُ لِلْحَدِيثِ فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ لِقَصْدِ الصَّلَاحِ وَتَوْبِيخِهِمْ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ، كَمَا أَذِنَ لِيُوسُفَ حَتَّى (?) أَمَرَ مُنَادِيَهُ فَقَالَ لِإِخْوَتِهِ: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} (يُوسُفَ: 70) . وَلَمْ يَكُونُوا سَرَقُوا. {فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ} أَيْ فَتَفَكَّرُوا بِقُلُوبِهِمْ، وَرَجَعُوا إِلَى عُقُولِهِمْ، {فَقَالُوا} مَا نَرَاهُ إِلَّا كَمَا قَالَ: {إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ} يَعْنِي بِعِبَادَتِكُمْ مَنْ لَا يَتَكَلَّمُ. وَقِيلَ: أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ هَذَا الرَّجُلَ فِي سُؤَالِكُمْ إِيَّاهُ وَهَذِهِ آلِهَتُكُمْ حَاضِرَةٌ فَاسْأَلُوهَا.