29

حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِي، فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا! فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمَّوْنَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ" (?) .

وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: كَانَ هَارُونُ أَخَا مَرْيَمَ مِنْ أَبِيهَا، وَكَانَ أَمْثَلَ رَجُلٍ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: إِنَّمَا عَنَوْا بِهِ هَارُونَ أَخَا مُوسَى، لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنْ نَسْلِهِ كَمَا يُقَالُ لِلتَّمِيمِيِّ: يَا أَخَا تَمِيمٍ.

وَقِيلَ: كَانَ هَارُونُ رَجُلًا (?) فَاسِقًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ عَظِيمَ الْفِسْقِ فَشَبَّهُوهَا بِهِ (?) .

{مَا كَانَ أَبُوكِ} عِمْرَانُ {امْرَأَ سَوْءٍ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: زَانِيًا، {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ} حَنَّةُ {بَغِيًّا} أَيْ زَانِيَةً، فَمِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا الْوَلَدُ؟

{فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) }

{فَأَشَارَتْ} مَرْيَمُ {إِلَيْهِ} أَيْ إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنْ كَلِّمُوهُ.

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا لَمْ تَكُنْ لَهَا حُجَّةٌ أَشَارَتْ إِلَيْهِ لِيَكُونَ كَلَامُهُ حُجَّةً لَهَا (?) .

وَفِي الْقِصَّةِ: لَمَّا أَشَارَتْ إِلَيْهِ غَضِبَ الْقَوْمُ، وَقَالُوا مَعَ مَا فَعَلْتِ تَسْخَرِينَ بِنَا؟ (?) .

{قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} أَيْ: مَنْ هُوَ فِي الْمَهْدِ، وَهُوَ حِجْرُهَا.

وَقِيلَ: هُوَ الْمَهْدُ بِعَيْنِهِ، و"كَانَ" بِمَعْنَى: هُوَ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: "كَانَ" صِلَةٌ، أَيْ: كَيْفَ نُكَلِّمُ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ. وَقَدْ يَجِيءُ "كَانَ" حَشْوًا فِي الْكَلَامِ لَا مَعْنَى لَهُ كَقَوْلِهِ "هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا" (الإِسْرَاءِ:93) أَيْ: هَلْ أَنَا (?) ؟

قَالَ السُّدِّيُّ: فَلَمَّا سَمِعَ عِيسَى كَلَامَهُمْ تَرَكَ الرِّضَاعَ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ.

وَقِيلَ: لَمَّا أَشَارَتْ إِلَيْهِ تَرَكَ الثَّدْيَ وَاتَّكَأَ عَلَى يَسَارِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ يُشِيرُ بِيَمِينِهِ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015