{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) }
{فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ: {مِنْ تَحْتِهَا} بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ، يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَتْ مَرْيَمُ عَلَى أَكَمَةٍ وَجِبْرِيلُ وَرَاءَ الْأَكَمَةِ تَحْتَهَا فَنَادَاهَا.
وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ، وَأَرَادَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَيْضًا، نَادَاهَا مِنْ سَفْحِ الْجَبَلِ.
وَقِيلَ: هُوَ عِيسَى لَمَّا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ نَادَاهَا: {أَلَّا تَحْزَنِي} وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ (?) .
وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا والسدي وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ وَجَمَاعَةٍ: أَنَّ الْمُنَادِيَ كَانَ جِبْرِيلَ لَمَّا سَمِعَ كَلَامَهَا وَعَرَفَ جَزَعَهَا نَادَاهَا أَلَّا تَحْزَنِي.
{قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} وَ"السَّرِيُّ": النَّهْرُ الصَّغِيرُ.
وَقِيلَ: تَحْتَكَ أَيْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَحْتَ أَمْرِكِ إِنْ أَمَرْتِيهِ أَنْ يَجْرِيَ جَرَى، وَإِنْ أَمَرْتِيهِ بِالْإِمْسَاكِ أَمْسَكَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: ضَرَبَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ -وَيُقَالُ: ضَرَبَ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-بِرِجْلِهِ الْأَرْضَ فَظَهَرَتْ عَيْنُ مَاءٍ عَذْبٍ وَجَرَى (?) .
وَقِيلَ: كَانَ هُنَاكَ نَهْرٌ يَابِسٌ أَجْرَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِ الْمَاءَ وَحَيِيَتِ النَّخْلَةُ الْيَابِسَةُ، فَأَوْرَقَتْ وَأَثْمَرَتْ وَأَرْطَبَتْ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: "تَحْتَكِ سَرِيًّا" يَعْنِي: عِيسَى وَكَانَ وَاللَّهِ عَبْدًا سَرِيًّا، يَعْنِي: رَفِيعًا (?) .