أَجْسَادِهِمْ مَا يُوَارِيهِمْ وَيَتَّقُونَ بِهِ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أُذُنَانِ عَظِيمَتَانِ يَفْتَرِشُ إِحْدَاهُمَا وَيَلْتَحِفُ بِالْأُخْرَى يَصِيفُ فِي إِحْدَاهُمَا ويشتو في 223/أالْأُخْرَى يَتَسَافَدُونَ تَسَافُدَ الْبَهَائِمِ حَيْثُ الْتَقَوْا، فَلَمَّا عَايَنَ ذَلِكَ ذُو الْقَرْنَيْنِ انْصَرَفَ إِلَى مَا بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ فَقَاسَ مَا بَيْنَهُمَا فَحُفِرَ لَهُ الْأَسَاسُ حَتَّى بَلَغَ الْمَاءَ وَجَعَلَ حَشْوَهُ الصَّخْرَ وَطِينَهُ النُّحَاسَ يُذَابُ فَيَصُبُّ عَلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ عِرْقٌ مِنْ جَبَلٍ تَحْتَ الْأَرْضِ (?) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} قَالَ الْكَلْبِيُّ: فَسَادُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْرُجُونَ أَيَّامَ الرَّبِيعِ إِلَى أَرْضِهِمْ فَلَا يَدَعُونَ فِيهَا شَيْئًا أَخْضَرَ إِلَّا أَكَلُوهُ وَلَا شَيْئًا (?) يَابِسًا إِلَّا احْتَمَلُوا وَأَدْخَلُوهُ أَرْضَهُمْ وَقَدْ لَقُوا مِنْهُمْ أَذًى شَدِيدًا وَقَتْلًا.
وَقِيلَ: فَسَادُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْكُلُونَ النَّاسَ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ (?) .
{فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا} قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ " خَرَاجًا " بِالْأَلِفِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ {خَرْجًا} بِغَيْرِ أَلِفٍ وَهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَيْ جُعْلًا وَأَجْرًا مِنْ أَمْوَالِنَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو: "الْخَرْجُ": مَا تَبَرَّعْتَ بِهِ و"الْخَرَاجُ": مَا لَزِمَكَ أَدَاؤُهُ. وَقِيلَ: "الْخَرَاجُ": عَلَى الْأَرْضِ و"الْخَرْجُ": عَلَى الرِّقَابِ. يُقَالُ: أَدِّ خَرْجَ رَأْسِكَ وَخَرَاجَ مَدِينَتِكَ.
{عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا} أَيْ حَاجِزًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْنَا.
{قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) }
{قَالَ} لَهُمْ ذُو الْقَرْنَيْنِ: {مَا مَكَّنِّي فِيهِ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ " مَكَّنَنِي " بِنُونَيْنِ ظَاهِرَيْنِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ مُشَدَّدَةٍ عَلَى الْإِدْغَامِ، أَيْ: مَا قَوَّانِي عَلَيْهِ {رَبِّي خَيْرٌ} مِنْ جُعْلِكُمْ {فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} مَعْنَاهُ: إِنِّي لَا أُرِيدُ الْمَالَ بَلْ أَعِينُونِي بِأَبْدَانِكُمْ وَقُوَّتِكُمْ {أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا} أَيْ: سَدًّا، قَالُوا وَمَا تِلْكَ الْقُوَّةُ؟ قَالَ: فَعَلَةٌ وَصُنَّاعٌ يُحْسِنُونَ الْبِنَاءَ وَالْعَمَلَ وَالْآلَةُ، قَالُوا: وما تلك الآية؟ قَالَ: