{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} أَيْ بِاخْتِيَارِي وَرَأْيِي بَلْ فَعَلْتُهُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَإِلْهَامِهِ {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} أَيْ لَمْ تُطِقْ عَلَيْهِ صَبْرًا وَ"اسْتَطَاعَ" وَ"اسْطَاعَ" بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
رُوِيَ أَنَّ مُوسَى لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُفَارِقَهُ قَالَ لَهُ: أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَطْلُبِ الْعِلْمَ لِتُحَدِّثَ بِهِ وَاطْلُبْهُ لِتَعْمَلَ بِهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْخَضِرَ حَيٌّ أَمْ مَيِّتٌ (?) ؟ قِيلَ: إِنَّ الْخَضِرَ وَإِلْيَاسَ حَيَّانِ يَلْتَقِيَانِ كُلَّ سَنَةٍ بِالْمَوْسِمِ (?) . وَكَانَ سَبَبُ حَيَاتِهِ فِيمَا يُحْكَى أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ عَيْنِ الْحَيَاةِ وَذَلِكَ أَنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ دَخَلَ الظُّلُمَاتِ لِطَلَبِ عَيْنِ الْحَيَاةِ. وَكَانَ الْخَضِرُ عَلَى مُقَدَّمَتِهِ فَوَقَعَ الْخَضِرُ عَلَى الْعَيْنِ فَنَزَلَ وَاغْتَسَلَ وَتَوَضَّأَ (?) وَشَرِبَ وَصَلَّى شُكْرًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَخْطَأَ ذُو الْقَرْنَيْنِ الطَّرِيقَ فَعَادَ (?) .
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ مَيِّتٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ" (الْأَنْبِيَاءِ-34) .
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا صَلَّى الْعَشَاءَ لَيْلَةً: "أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ الْيَوْمَ حَيٌّ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ" (?) . وَلَوْ كَانَ الْخَضِرُ حَيًّا لَكَانَ لَا يَعِيشُ بَعْدَهُ".
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) }
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا} خَبَرًا وَاخْتَلَفُوا فِي نُبُوَّتِهِ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ نَبِيًّا (?) .
[وَقَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: سُئِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ أَكَانَ نَبِيًّا] (?) أَمْ مَلِكًا؟ قَالَ: لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَلَا مَلِكًا وَلَكِنْ كَانَ عَبْدًا أَحَبَّ اللَّهَ وَأَحَبَّهُ اللَّهُ، نَاصَحَ اللَّهَ فَنَاصَحَهُ اللَّهُ (?) .