{فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) }
فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا بَلَغَا} يَعْنِي مُوسَى وَفَتَاهُ {مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} أَيْ: بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ {نَسِيَا} تَرَكَا {حُوتَهُمَا} وَإِنَّمَا كَانَ الْحُوتُ مَعَ يُوشَعَ وَهُوَ الَّذِي نَسِيَهُ وَأَضَافَ النِّسْيَانَ إِلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا تَزَوَّدَاهُ لِسَفَرِهِمَا كَمَا يُقَالُ: خَرَجَ الْقَوْمُ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا وَحَمَلُوا مِنَ الزَّادِ كَذَا وَإِنَّمَا حَمَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ.
{فَاتَّخَذَ} أَيِ الْحُوتُ {سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا} أَيْ مَسْلَكًا. [وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْجَابَ الْمَاءُ عَنْ مَسْلَكِ] (?) الْحُوتِ فَصَارَ كُوَّةً لَمْ يَلْتَئِمْ فَدَخَلَ مُوسَى الْكُوَّةَ عَلَى أَثَرِ الْحُوتِ فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ" (?) .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَعَلَ الْحُوتُ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنَ الْبَحْرِ إِلَّا يَبِسَ حَتَّى صَارَ صَخْرَةً (?) .
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: تَوَضَّأَ يُوشَعُ بْنُ نُونَ مِنْ عَيْنِ الْحَيَاةِ فَانْتَضَحَ عَلَى الْحُوتِ الْمَالِحِ فِي الْمِكْتَلِ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَعَاشَ ثُمَّ وَثَبَ فِي ذَلِكَ الْمَاءِ فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ فَلَا يَضْرِبُ بِذَنَبِهِ شَيْئًا مِنَ الْمَاءِ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَّا يَبِسَ.
وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّهُمَا لَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ وَضَعَا رُءُوسَهُمَا فَنَامَا وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فَخَرَجَ وَسَقَطَ فِي الْبَحْرِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنِ الْحُوتِ جَرْيَةَ الْمَاءِ فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلُ الطَّاقِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مُوسَى نَسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ (?) . قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاوَزَا} يَعْنِي ذَلِكَ الْمَوْضِعَ وَهُوَ مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ {قَالَ} مُوسَى {لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا} أَيْ طَعَامَنَا وَالْغَدَاءُ مَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ غُدْوَةً وَالْعَشَاءُ مَا يُعَدُّ لِلْأَكْلِ عَشِيَّةً