{وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا} أَيْ: يُثَبِّتُنِي عَلَى طَرِيقٍ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَأَرْشَدُ (?) .
وَقِيلَ: أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ إِذَا نَسِيَ شَيْئًا وَيَسْأَلَهُ أَنْ يَهْدِيَهُ لِمَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ذِكْرِ مَا نَسِيَهُ (?) .
وَيُقَالُ: هُوَ أَنَّ الْقَوْمَ لَمَّا سَأَلُوهُ عَنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ عَلَى وَجْهِ الْعِنَادِ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُخْبِرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ سَيُؤْتِيهِ مِنَ الْحُجَجِ عَلَى صِحَّةِ نُبُوَّتِهِ مَا هُوَ أَدَلُّ لَهُمْ مِنْ قِصَّةِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَقَدْ فَعَلَ حَيْثُ أَتَاهُ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ الْمُرْسَلِينَ مَا كَانَ أَوْضَحَ لَهُمْ فِي الْحُجَّةِ وَأَقْرَبَ إِلَى الرُّشْدِ مِنْ خَبَرِ أَصْحَابِ الْكَهْفِ (?) .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا شَيْءٌ أُمِرَ أَنْ يَقُولَهُ مَعَ قَوْلِهِ "إِنْ شَاءَ اللَّهُ" إِذَا ذَكَرَ الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ النِّسْيَانِ وَإِذَا نَسِيَ الْإِنْسَانُ "إِنْ شَاءَ اللَّهُ" فَتَوْبَتُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: "عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا" (?) .
{وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25) }
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ} يَعْنِي: أَصْحَابَ الْكَهْفِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا خَبَرٌ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ خَبَرًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ قَدْرِ لُبْثِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ "قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا" وَجْهٌ وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: "وَقَالُوا لَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ" ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ: "قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا" (?) .
وَقَالَ الْآخَرُونَ: هَذَا إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ قَدْرِ لُبْثِهِمْ فِي الْكَهْفِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
[وَأَمَّا قَوْلُهُ: "قل اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا" فَمَعْنَاهُ: أَنَّ الْأَمْرَ مِنْ مُدَّةِ لُبْثِهِمْ] (?) كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ نَازَعُوكَ فِيهَا فَأَجِبْهُمْ وَقُلِ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا أَيْ: هُوَ أَعْلَمُ مِنْكُمْ وَقَدْ أَخْبَرَنَا بِمُدَّةِ لُبْثِهِمْ.