{أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) }
{أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ: قِطَعًا وَهِيَ جَمْعُ "كِسْفَةٍ" وَهِيَ: الْقِطْعَةُ وَالْجَانِبُ مِثْلُ: كِسْرَةٍ وَكِسَرٍ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِسُكُونِ السِّينِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَجَمْعُهُ أَكْسَافٍ وَكُسُوفٍ أَيْ: تُسْقِطُهَا طَبَقًا [وَاحِدًا] (?) وَقِيلَ: أَرَادَ جَانِبَهَا عَلَيْنَا وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَيْضًا الْقِطَعُ وَهِيَ جَمْعُ التَّكْسِيرِ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدْرٍ فِي الشُّعَرَاءِ وَسَبَأٍ {كِسَفًا} بِالْفَتْحِ حَفْصٌ وَفِي الرُّومِ سَاكِنَةٌ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَامِرٍ.
{أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَفِيلًا أَيْ: يَكْفُلُونَ بِمَا تَقُولُ وَقَالَ الضَّحَاكُ: ضَامِنًا وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ جَمْعُ الْقَبِيلَةِ أَيْ: بِأَصْنَافِ الْمَلَائِكَةِ قَبِيلَةً قَبِيلَةً [وَقَالَ قَتَادَةُ: عَيَانًا أَيْ: تَرَاهُمُ الْقَابِلَةُ] (?) أَيْ مُعَايَنَةً [وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ لَقِيتُ فُلَانًا قَبِيلًا وَقَبِيلًا أَيْ: مُعَايَنَةً] (?) . {أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} أَيْ: مِنْ ذَهَبٍ وَأَصْلُهُ الزِّينَةُ {أَوْ تَرْقَى} تَصَعَدُ {فِي السَّمَاءِ} هَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ} لِصُعُودِكَ {حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} أُمِرْنَا فِيهِ بِاتِّبَاعِكَ {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي} وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ " قَالَ " يَعْنِي مُحَمَّدًا وَقَرَأَ الْآخَرُونَ عَلَى الْأَمْرِ أَيْ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ {هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} أَمَرَهُ بِتَنْزِيهِهِ وَتَمْجِيدِهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُنَزِّلَ مَا طَلَبُوا لَفَعَلَ وَلَكِنَّ اللَّهَ لَا يُنَزِّلُ الْآيَاتِ عَلَى مَا يَقْتَرِحُهُ الْبَشَرُ وَمَا أَنَا إِلَّا بَشَرٌ وَلَيْسَ مَا سَأَلْتُمْ فِي طَوْقِ الْبَشَرِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَعْطَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْآيَاتِ وَالْمُعْجِزَاتِ مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا كُلِّهِ مِثْلَ: الْقُرْآنِ وَانْشِقَاقِ الْقَمَرِ وَتَفْجِيرِ الْعُيُونِ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ وَمَا أَشْبَهَهَا وَالْقَوْمُ عَامَّتُهُمْ كَانُوا مُتَعَنِّتِينَ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُمْ طَلَبَ (?) الدَّلِيلِ لِيُؤْمِنُوا فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سُؤَالَهُمْ.