93

بْنِ كَعْبِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ" وَتُلَقَّبُ بِجِعْرِ، وَكَانَتْ بِهَا وَسُوسَةٌ، وَكَانَتِ اتَّخَذَتْ مِغْزَلًا بِقَدْرِ ذِرَاعٍ وَصِنَّارَةً مِثْلَ الْأُصْبُعِ، وَفَلْكَةً عَظِيمَةً، عَلَى قَدْرِهَا، وكانت تغزل الغز مِنَ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَالْوَبَرِ، وَتَأْمُرُ جَوَارِيَهَا بِذَلِكَ، فَكُنَّ يَغْزِلْنَ مِنَ الْغَدَاةِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ، فَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ أَمَرَتْهُنَّ بِنَقْضِ جَمِيعِ مَا غَزَلْنَ فَهَذَا كَانَ دَأْبَهَا (?) .

وَمَعْنَاهُ: أَنَّهَا لَمْ تَكُفَّ عَنِ الْعَمَلِ، وَلَا حِينَ عَمِلَتْ كَفَّتْ عَنِ النَّقْضِ، فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ إِذَا نَقَضْتُمُ الْعَهْدَ، لَا كَفَفْتُمْ عَنِ الْعَهْدِ، وَلَا حِينَ عَاهَدْتُمْ وَفَيْتُمْ بِهِ.

{أَنْكَاثًا} يَعْنِي أَنْقَاضًا وَاحِدَتُهَا "نَكْثٌ" وَهُوَ مَا نُقِضَ بَعْدَ الْفَتْلِ، غَزْلًا كَانَ أَوْ حَبْلًا.

{تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ} أَيْ: دَخَلًا وَخِيَانَةً وَخَدِيعَةً، وَ"الدَّخَلُ" مَا يَدْخُلُ فِي الشَّيْءِ لِلْفَسَادِ.

وَقِيلَ: "الدَّخَلُ" وَ"الدَّغَلُ": أَنْ يُظْهِرَ الْوَفَاءَ وَيُبْطِنَ النَّقْضَ.

{أَنْ تَكُونَ} أَيْ: لِأَنْ تَكُونَ، {أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى} أَيْ: أَكْثَرُ وَأَعْلَى، {مِنْ أُمَّةٍ} قَالَ مُجَاهِدٌ: وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُحَالِفُونَ الْحُلَفَاءَ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَعَزَّ نَقَضُوا حِلْفَ هَؤُلَاءِ وَحَالَفُوا الْأَكْثَرَ، فَمَعْنَاهُ: طَلَبْتُمُ الْعِزَّ بِنَقْضِ الْعَهْدِ، بِأَنْ كَانَتْ أُمَّةٌ أَكْثَرَ مِنْ أُمَّةٍ. فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ.

{إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ} يَخْتَبِرُكُمُ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِيَّاكُمْ بِالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، {وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} فِي الدُّنْيَا.

{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (93) }

طور بواسطة نورين ميديا © 2015