67

وَمَنْ ذَكَّرَ فَلِحُكْمِ اللَّفْظِ.

قَالَ الْكِسَائِيُّ: رَدَّهُ إِلَى مَا يَعْنِي فِي بُطُونِ مَا ذَكَرْنَا.

وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: الْكِنَايَةُ مَرْدُودَةٌ إِلَى الْبَعْضِ وَالْجُزْءِ، كَأَنَّهُ قَالَ نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ اللَّبَنَ، إِذْ لَيْسَ لِكُلِّهَا لَبَنٌ، وَاللَّبَنُ فِيهِ مُضْمَرٌ.

{مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ} وَهُوَ مَا فِي الْكَرِشِ مِنَ الثِّقْلِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ لَا يُسَمَّى فَرْثًا، {وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} مِنَ الدَّمِ وَالْفَرْثِ لَيْسَ عَلَيْهِ لَوْنُ دَمٍ وَلَا رَائِحَةُ فَرْثٍ.

{سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} هَنِيئًا يَجْرِي عَلَى السُّهُولَةِ فِي الْحَلْقِ.

وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يُغَصَّ أَحَدٌ بِاللَّبَنِ قَطُّ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا أَكَلَتِ الدَّابَّةُ الْعَلَفَ وَاسْتَقَرَّ فِي كَرِشِهَا وَطَحَنَتْهُ فَكَانَ أَسْفَلُهُ فَرْثًا، وَأَوْسَطُهُ اللَّبَنَ، وَأَعْلَاهُ الدَّمَ، وَالْكَبِدُ مُسَلَّطَةٌ عَلَيْهَا، تُقَسِّمُهَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَيَجْرِي الدَّمُ فِي الْعُرُوقِ، وَاللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ، وَيَبْقَى الْفَرْثُ كَمَا هُوَ (?) .

{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) }

{وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ} يَعْنِي: وَلَكُمْ أَيْضًا عِبْرَةٌ فِيمَا نُسْقِيكُمْ وَنَرْزُقُكُمْ مِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ، {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ} وَالْكِنَايَةُ فِي {مِنْهُ} عَائِدَةٌ إِلَى "مَا" مَحْذُوفَةٌ أَيْ: مَا تَتَّخِذُونَ مِنْهُ، {سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا}

قَالَ قَوْمٌ: "السَّكَرُ": الْخَمْرُ، وَ"الرِّزْقُ الْحَسَنُ": الْخَلُّ، وَالزَّبِيبُ، وَالتَّمْرُ وَالرُّبُ، قَالُوا: وَهَذَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالْحَسَنُ، وَمُجَاهِدٌ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: "السَّكَرُ": مَا شَرِبْتَ وَ"الرِّزْقُ الْحَسَنُ": مَا أَكَلْتَ (?) .

وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ "السَّكَرَ" هُوَ الْخَلُّ، بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ (?) .

وَقَالَ بَعْضُهُمُ: "السَّكَرُ" النَّبِيذُ الْمُسْكِرُ، وَهُوَ نَقِيعُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ إِذَا اشْتَدَّ، وَالْمَطْبُوخُ مِنَ الْعَصِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَاكِ وَالنَّخَعِيِّ (?) .

وَمَنْ يُبِيحُ شُرْبَ النَّبِيذِ وَمَنْ حَرَّمَهُ يَقُولُ: الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ: الْإِخْبَارُ لَا الْإِحْلَالُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015