{إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (53) قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَي (54) }
{وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ الْعَبْدُ قَدْرَ عَفْوِ اللَّهِ لَمَا تَوَرَّعَ عَنْ حَرَامٍ، وَلَوْ يَعْلَمُ قَدْرَ عَذَابِهِ لَبَخَعَ نَفْسَهُ" (?) .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ الْمَلِيحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسَفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً، فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرحمة لم ييئس مِنَ الْجَنَّةِ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ" (?) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} أَيْ: عَنْ أَضْيَافِهِ. وَالضَّيْفُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِيُبَشِّرُوا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْوَلَدِ، وَيُهْلِكُوا قَوْمَ لُوطٍ.
{إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ} إِبْرَاهِيمُ: {إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} خَائِفُونَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْكُلُوا طَعَامَهُ.
{قَالُوا لَا تَوْجَلْ} لَا تَخَفْ {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} أَيْ: غُلَامٍ فِي صِغَرِهِ، عَلِيمٌ فِي كِبَرِهِ، يَعْنِي: إِسْحَاقَ، فَتَعَجَّبَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ كِبَرِهِ وَكِبَرِ امْرَأَتِهِ.
{قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي} أَيْ: بِالْوَلَدِ {عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ} أَيْ: عَلَى حَالِ الْكِبَرِ، قَالَهُ عَلَى طَرِيقِ التَّعَجُّبِ {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ} فَبِأَيِّ شَيْءٍ تُبَشِّرُونَ؟ قَرَأَ نَافِعٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَتَخْفِيفِهَا أَيْ: تُبَشِّرُونِ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِتَشْدِيدِ النون أي: تبشرونني، أُدْغِمَتْ نُونُ الْجَمْعِ فِي نُونِ الْإِضَافَةِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَخْفِيفِهَا.