43

{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) } .

{مُهْطِعِينَ} قَالَ قَتَادَةُ: مُسْرِعِينَ.

قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْإِهْطَاعُ النَّسَلَانُ كَعَدْوِ الذِّئْبِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مُدِيمِي النَّظَرِ.

وَمَعْنَى "الْإِهْطَاعِ": أنهم لا يلتفون يَمِينًا وَلَا شِمَالًا وَلَا يَعْرِفُونَ مَوَاطِنَ أَقْدَامِهِمْ.

{مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ} أي: رافعي رؤوسهم.

قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الْمُقْنِعُ: الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُقْبِلُ بِبَصَرِهِ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ (?) .

وَقَالَ الْحَسَنُ: وُجُوهُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى السَّمَاءِ، لَا يَنْظُرُ أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ.

{لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} أَيْ: لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبْصَارُهُمْ مِنْ شِدَّةِ النَّظَرِ، وَهِيَ شَاخِصَةٌ قَدْ شَغَلَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.

{وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} أَيْ: خَالِيَةٌ. قَالَ قَتَادَةُ: خَرَجَتْ قُلُوبُهُمْ عَنْ صُدُورِهِمْ، فَصَارَتْ فِي حَنَاجِرِهِمْ، لَا تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَلَا تَعُودُ إِلَى أَمَاكِنِهَا، فَالْأَفْئِدَةُ هَوَاءٌ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَمِنْهُ سُمِّيَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ هَوَاءٌ لِخُلُوِّهِ.

وَقِيلَ: خَالِيَةٌ لَا تَعِي شَيْئًا وَلَا تَعْقِلُ مِنَ (?) الْخَوْفِ.

وَقَالَ الْأَخْفَشُ: جَوْفَاءُ لَا عُقُولَ لَهَا، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كُلَّ أَجْوَفَ خَاوٍ هَوَاءً.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: "وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ" أَيْ: مُتَرَدِّدَةٌ، تَمُورُ فِي أَجْوَافِهِمْ، لَيْسَ لَهَا مَكَانٌ تَسْتَقِرُّ فِيهِ.

وَحَقِيقَةُ الْمَعْنَى: أَنَّ الْقُلُوبَ زَائِلَةٌ عَنْ أَمَاكِنِهَا، وَالْأَبْصَارَ شَاخِصَةٌ مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

{وَأَنْذِرِ النَّاسَ} خَوِّفْهُمْ، {يَوْمَ} أَيْ: بِيَوْمَ، {يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ} وَهُوَ يوم القيامة، 195/أ {فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} أَشْرَكُوا، {رَبَّنَا أَخِّرْنَا} أَمْهِلْنَا، {إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ} هَذَا سُؤَالُهُمُ الرَّدُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015