{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) } .
{رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ} يَعْنِي: مِمَّنْ يُقِيمُ الصَّلَاةَ بِأَرْكَانِهَا وَيُحَافِظُ عَلَيْهَا، {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} يَعْنِي: اجْعَلْ مِنْ ذُرِّيَّتِي مَنْ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ.
{رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} أَيْ: عَمَلِي وَعِبَادَتِي، سَمَّى الْعِبَادَةَ دُعَاءً، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ" (?) .
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: اسْتَجِبْ دُعَائِي.
{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ اسْتَغْفَرَ لِوَالِدَيْهِ وَهُمَا غَيْرُ مُؤْمِنَيْنِ؟ قِيلَ: قَدْ قِيلَ إِنَّ أُمَّهُ أَسْلَمَتْ.
وَقِيلَ: أَرَادَ إِنْ أَسْلَمَا وَتَابَا (?) .
وَقِيلَ: قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَهُ أَمْرُ أَبِيهِ، وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى عُذْرَ خَلِيلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْتِغْفَارِهِ لِأَبِيهِ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ (?) .
{وَلِلْمُؤْمِنِينَ} أَيِ: اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ، {يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} أَيْ: يَبْدُو وَيَظْهَرُ. وَقِيلَ: أَرَادَ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِلْحِسَابِ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْحِسَابِ لِكَوْنِهِ مَفْهُومًا.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} الْغَفْلَةُ مَعْنًى يَمْنَعُ الْإِنْسَانَ مِنَ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الْأُمُورِ، وَالْآيَةُ لِتَسْلِيَةِ الْمَظْلُومِ وَتَهْدِيدٌ لِلظَّالِمِ.