{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ (43) } .
{وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يَعْنِي: مِنْ قَبْلِ مُشْرِكِي مَكَّةَ، وَالْمَكْرُ: إِيصَالُ الْمَكْرُوهِ إِلَى الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ.
{فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا} أَيْ: عِنْدَ اللَّهِ جَزَاءُ مَكْرِهِمْ وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ مَكْرِهِمْ جَمِيعًا، بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، وَإِلَيْهِ النَّفْعُ وَالضُّرُّ، فَلَا يَضُرُّ مَكْرُ أَحَدٍ أَحَدًا إِلَّا بِإِذْنِهِ.
{يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ} قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَأَبُو عَمْرٍو " الْكَافِرُ " عَلَى التَّوْحِيدِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: {الْكُفَّارُ} عَلَى الْجَمْعِ. {لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} أَيْ: عَاقِبَةُ الدَّارِ الْآخِرَةِ حِينَ يَدْخُلُونَ النَّارَ، وَيَدْخُلُ الْمُؤْمِنُونَ الْجَنَّةَ.
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} إِنِّي رَسُولُهُ إِلَيْكُمْ {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} يُرِيدُ: مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ يَشْهَدُونَ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ.
قَالَ قَتَادَةُ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ (?) .
وَأَنْكَرَ الشَّعْبِيُّ هَذَا وَقَالَ: السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَسْلَمَ بِالْمَدِينَةِ.
وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} أَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟ فَقَالَ: وَكَيْفَ يَكُونُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ (?) ؟
وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (?) يَدُلُّ عَلَيْهِ: قِرَاءَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، {وَمِنْ عِنْدِهِ} بِكَسْرِ الْمِيمِ وَالدَّالِ، أَيْ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ