80

{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80) } .

{فَلَمَّا اسْتَيْئَسُوا مِنْهُ} أَيْ: أَيِسُوا مِنْ يُوسُفَ أَنْ يُجِيبَهُمْ إِلَى مَا سَأَلُوهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: اسْتَيْئَسُوا اسْتَيْقَنُوا أَنَّ الْأَخَ لَا يُرَدُّ إِلَيْهِمْ. {خَلَصُوا نَجِيًّا} أَيْ: خَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ يَتَنَاجَوْنَ وَيَتَشَاوَرُونَ لَا يُخَالِطُهُمْ غَيْرُهُمْ.

وَالنَّجِيُّ يَصْلُحُ لِلْجَمَاعَةِ كَمَا قَالَ هَا هُنَا، وَيَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ كَقَوْلِهِ: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} (مريم -52) 185/ب وَإِنَّمَا جَازَ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ جُعِلَ نَعْتًا كَالْعَدْلِ وَالزُّورِ، وَمِثْلُهُ النَّجْوَى يَكُونُ اسْمًا وَمَصْدَرًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (الْإِسَرَاءِ -47) ، أَيْ: مُتَنَاجُونَ. وَقَالَ: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ} (الْمُجَادَلَةِ -7) ، وَقَالَ فِي الْمَصْدَرِ {إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ} (الْمُجَادَلَةِ -10) .

{قَالَ كَبِيرُهُمْ} يَعْنِي: فِي الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ لَا فِي السِّنِّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْكَلْبِيُّ: هُوَ يَهُوذَا وَهُوَ أَعْقَلُهُمْ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ شَمْعُونُ، وَكَانَتْ لَهُ الرِّئَاسَةُ عَلَى إِخْوَتِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ: هُوَ رُوبِيلُ، وَكَانَ أَكْبَرَهُمْ فِي السِّنِّ، وَهُوَ الَّذِي نَهَى الْإِخْوَةَ عَنْ قَتْلِ يُوسُفَ (?) .

{أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا} عَهْدًا. {مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ مَا فَرَّطْتُمْ} قَصَّرْتُمْ {فِي يُوسُفَ} وَاخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّ " مَا "؛ قِيلَ: هُوَ نَصْبٌ بِإِيقَاعِ الْعَلَمِ عَلَيْهِ، يَعْنِي: أَلَمْ تَعْلَمُوا مِنْ قَبْلِ تَفْرِيطِكُمْ فِي يُوسُفَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015