{قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِي (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) } .
{وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} فَقَالَ لَهُمْ، {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} .
{قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} أَخْلَاطُ أَحْلَامٍ مُشْتَبِهَةٍ، أَهَاوِيلُ، وَاحِدُهَا (?) ضِغْثٌ، وَأَصْلُهُ الْحُزْمَةُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَشِيشِ، وَالْأَحْلَامُ جَمْعُ الْحُلْمِ، وَهُوَ الرُّؤْيَا، وَالْفِعْلُ مِنْهُ حَلَمْتُ أَحْلُمُ، بِفَتْحِ اللَّامِ فِي الْمَاضِي وَضَمِّهَا فِي الْغَابِرِ، حُلُمًا وَحُلْمًا، مُثَقَّلًا وَمُخَفَّفًا. {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ} .
{وَقَالَ الَّذِي نَجَا} مِنَ الْقَتْلِ، {مِنْهُمَا} مِنَ الْفَتَيَيْنِ وَهُوَ السَّاقِي، {وَادَّكَرَ} أَيْ: تَذَكَّرَ قَوْلَ يُوسُفَ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ، {بَعْدَ أُمَّةٍ} بَعْدَ حِينٍ وَهُوَ سَبْعُ سِنِينَ. {أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ} وَذَلِكَ أَنَّ الْغُلَامَ جَثَا بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ، وَقَالَ: إِنَّ فِي السِّجْنِ رَجُلًا يَعْبُرُ الرُّؤْيَا، {فَأَرْسِلُونِ} وَفِيهِ اخْتِصَارٌ تَقْدِيرُهُ: فَأَرْسِلْنِي أَيُّهَا الْمَلِكُ إِلَيْهِ، فَأَرْسَلَهُ فأتى السجن 183/أقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَكُنِ السِّجْنُ فِي الْمَدِينَةِ.
فَقَالَ: {يُوسُفُ} يَعْنِي: يَا يُوسُفُ، {أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} وَالصَّدِيقُ الْكَثِيرُ الصِّدْقِ، {أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ} فَإِنَّ الْمَلِكَ رَأَى هَذِهِ الرُّؤْيَا، {لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ} أَهْلِ مِصْرَ، {لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} تَأْوِيلَ الرُّؤْيَا. وَقِيلَ: لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ مَنْزِلَتَكَ فِي الْعِلْمِ.
فَقَالَ لَهُمْ يُوسُفُ مُعَبِّرًا وَمُعَلِّمًا: أَمَّا الْبَقَرَاتُ السِّمَانُ وَالسُّنْبُلَاتُ الْخُضْرُ: فَسَبْعُ سِنِينَ مَخَاصِيبُ، وَالْبَقَرَاتُ الْعِجَافُ وَالسُّنْبُلَاتُ [الْيَابِسَاتُ] (?) فَالسُّنُونَ الْمُجْدِبَةُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ يُوسُفَ: