32

{فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} أَعْظَمْنَهُ، قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هَالَهُنَّ أَمْرُهُ وَبُهِتْنَ. وَقِيلَ: أَكْبَرْنَهُ أَيْ: حِضْنَ لِأَجْلِهِ مِنْ جَمَالِهِ (?) . وَلَا يَصِحُّ.

{وَقَطَّعْنَ} أَيْ: حَزَّزْنَ بِالسَّكَاكِينِ الَّتِي مَعَهُنَّ، {أَيْدِيَهُنَّ} وَهُنَّ يَحْسَبْنَ أَنَّهُنَّ يَقْطَعْنَ الْأُتْرُجَّ، وَلَمْ يَجِدْنَ الْأَلَمَ لِشُغْلِ قُلُوبِهِنَّ بِيُوسُفَ.

قال مجاهد: 182/أفَمَا أَحْسَسْنَ إِلَّا بِالدَّمِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ (?) : أَبَنَّ أَيْدِيَهُنَّ حَتَّى أَلْقَيْنَهَا.

وَالْأَصَحُّ كَانَ قَطْعًا بِلَا إِبَانَةٍ.

وَقَالَ وَهْبٌ: مَاتَتْ جَمَاعَةٌ مِنْهُنَّ (?) .

{وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا} أَيْ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَشَرًا. قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو: حَاشَى لِلَّهِ، بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ، عَلَى الْأَصْلِ. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِحَذْفِ الْيَاءِ لِكَثْرَةِ وُرُودِهَا عَلَى الْأَلْسُنِ، وَاتِّبَاعًا لِلْكِتَابِ.

وَقَوْلُهُ: {مَا هَذَا بَشَرًا} نُصِبَ بِنَزْعِ حَرْفِ الصِّفَةِ، أَيْ: لَيْسَ هَذَا بِبَشَرٍ، {إِنْ هَذَا} أَيْ: مَا هَذَا، {إِلَّا مَلَكٌ} مِنَ الْمَلَائِكَةِ، {كَرِيمٌ} عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.

{قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) } .

{قَالَتْ} يَعْنِي: رَاعِيلَ، {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} أَيْ: فِي حُبِّهِ، ثُمَّ صَرَّحَتْ بِمَا فَعَلَتْ، فَقَالَتْ: {وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ} أَيْ: فَامْتَنَعَ، وَإِنَّمَا صَرَّحَتْ بِهِ لِأَنَّهَا عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا مَلَامَةَ عَلَيْهَا مِنْهُنَّ وَقَدْ أَصَابَهُنَّ مَا أَصَابَهَا مِنْ رُؤْيَتِهِ، فَقُلْنَ لَهُ: أَطِعْ مَوْلَاتَكَ. فَقَالَتْ رَاعِيلُ: {وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ} وَلَئِنْ لَمْ يُطَاوِعْنِي فِيمَا دَعَوْتُهُ إِلَيْهِ، {لَيُسْجَنَنَّ} أَيْ: لِيُعَاقَبَنَّ بِالْحَبْسِ، {وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ} مِنَ الْأَذِلَّاءِ. وَنُونُ التَّوْكِيدِ تُثَقَّلُ وَتُخَفَّفُ، وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ: {لَيُسْجَنَنَّ} بِالنُّونِ لِأَنَّهَا مُشَدَّدَةٌ، وَعَلَى قَوْلِهِ {"وَلَيَكُونًا "} بِالْأَلْفِ لِأَنَّهَا مُخَفَّفَةٌ، وَهِيَ شَبِيهَةٌ بِنُونِ الْإِعْرَابِ فِي الْأَسْمَاءِ، كَقَوْلِهِ: رَأَيْتُ رَجُلًا وَإِذَا وَقَفْتَ، قَلْتَ: رَأَيْتُ رَجُلَا بالألف، ومثله: {لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ} (الْعَلَقِ -15، 16) . فَاخْتَارَ يُوسُفُ عَلَيْهِ السَّلَامُ السِّجْنَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ حِينَ تَوَعَّدَتْهُ الْمَرْأَةُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015