25

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} جَوَابُ لَوْلَا مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ لَوَاقَعَ الْمَعْصِيَةَ.

{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ} فَالسُّوءُ: الْإِثْمُ. وَقِيلَ: السُّوءُ القبيح. والفحشاء: الزنى.

{إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: {الْمُخْلَصِينَ} بِفَتْحِ اللَّامِ حَيْثُ كَانَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَهُ ذِكْرُ الدِّينِ، زَادَ الْكُوفِيُّونَ " مُخْلَصًا " فِي سُورَةِ مَرْيَمَ ففتحوا.

ومعنى 181/ب {الْمُخْلَصِينَ} الْمُخْتَارِينَ لِلنُّبُوَّةِ، دَلِيلُهُ: {إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ} (ص -146) .

وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِ اللَّامِ، أَيِ: الْمُخْلِصِينَ لِلَّهِ الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَةَ.

{وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) } .

{وَاسْتَبَقَا الْبَابَ} وَذَلِكَ أَنْ يُوسُفَ لَمَّا رَأَى الْبُرْهَانَ قَامَ مُبَادِرًا إِلَى بَابِ الْبَيْتِ هَارِبًا، وَتَبِعَتْهُ الْمَرْأَةُ لِتَمْسِكَ الْبَابَ حَتَّى لَا يَخْرُجَ يُوسُفُ، فَسَبَقَ يُوسُفُ، وَأَدْرَكَتْهُ الْمَرْأَةُ، فَتَعَلَّقَتْ بِقَمِيصِهِ مِنْ خَلْفِهِ، فَجَذَبَتْهُ إِلَيْهَا حَتَّى لَا يَخْرُجَ.

{وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ} أَيْ: فَشَقَّتْهُ {مِنْ دُبُرٍ} أَيْ: مِنْ خَلْفٍ، فَلَمَّا خَرَجَا لَقِيَا الْعَزِيزَ، وَهُوَ قَوْلُهُ:

{وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} أَيْ: وَجَدَا زَوْجَ الْمَرْأَةِ قِطْفِيرَ عِنْدَ الْبَابِ جَالِسًا مَعَ ابْنِ عَمٍّ لِرَاعِيلَ، فَلَمَّا رَأَتْهُ هَابَتْهُ و {قَالَتْ} سَابِقَةً بِالْقَوْلِ لِزَوْجِهَا {مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا} يعني: الزنى، ثُمَّ خَافَتْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ فَقَالَتْ: {إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ} أَيْ: يُحْبَسَ، {أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أَيْ: ضَرْبٌ بِالسِّيَاطِ، فَلَمَّا سَمِعَ يُوسُفُ مَقَالَتَهَا.

{قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} يَعْنِي: طَلَبَتْ مِنِّي الْفَاحِشَةَ فَأَبَيْتُ وَفَرَرْتُ.

وَقِيلَ: مَا كَانَ يُرِيدُ يُوسُفُ أَنْ يَذْكُرَهُ، فَلَمَّا قَالَتِ الْمَرْأَةُ: مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا؟ ذَكَرَهُ، فَقَالَ: هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي.

{وَشَهِدَ شَاهِدٌ} وَحَكَمَ حَاكِمٌ، {مِنْ أَهْلِهَا} اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ الشَّاهِدِ:

فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالضَّحَّاكُ: كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ، أَنْطَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (?) ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015