{آيَاتٌ} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ " آيَةٌ " عَلَى التَّوْحِيدِ، أَيْ: عِظَةٌ وَعِبْرَةٌ، وَقِيلَ: عَجَبٌ.
وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: {آيَاتٌ} عَلَى الْجَمْعِ.
{لِلسَّائِلِينَ} وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقِيلَ: سَأَلُوهُ عَنْ سَبَبِ انْتِقَالِ وَلَدِ يَعْقُوبَ مِنْ كَنْعَانَ إِلَى مِصْرَ. فَذَكَرَ لَهُمْ قِصَّةَ يُوسُفَ، فَوَجَدُوهَا مُوَافِقَةً لِمَا فِي التَّوْرَاةِ [فَتَعَجَّبُوا مِنْهَا] (?) . فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [أَيْ: دَلَالَةٌ عَلَى نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ وَلِمَنْ لَمْ يَسْأَلْ، كَقَوْلِهِ: {سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} (فُصِّلَتْ -10) ] (?) .
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ عِبْرَةٌ لِلْمُعْتَبِرِينَ، فَإِنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى حَسَدِ إِخْوَةِ يُوسُفَ، وَمَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُمْ فِي الْحَسَدِ، وَتَشْتَمِلُ عَلَى رُؤْيَاهُ، وَمَا حَقَّقَ اللَّهُ مِنْهَا، وَتَشْتَمِلُ عَلَى صَبْرِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ، وَعَلَى الرِّقِّ وَفِي السِّجْنِ، وَمَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ مِنَ الْمُلْكِ، وَتَشْتَمِلُ عَلَى حُزْنِ يَعْقُوبَ وَصَبْرِهِ وَمَا آلَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْمُرَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
{إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) } .
{إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ} اللَّامُ فِيهِ جَوَابُ الْقَسَمِ تَقْدِيرُهُ: وَاللَّهِ لَيُوسُفُ، {وَأَخُوهُ} بِنْيَامِينُ، {أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} كَانَ يُوسُفُ وَأَخُوهُ بِنْيَامِينُ مِنْ أُمٍّ وَاحِدَةٍ، وَكَانَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ شَدِيدَ الْحُبِّ لِيُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَانَ إِخْوَتُهُ يَرَوْنَ مِنَ الْمَيْلِ إِلَيْهِ مَا لَا يَرَوْنَهُ مَعَ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا هَذِهِ الْمَقَالَةَ (?) ، {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} جَمَاعَةٌ وَكَانُوا عَشَرَةً.
قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعُصْبَةُ هِيَ الْعَشَرَةُ فَمَا زَادَ.
وَقِيلَ: الْعُصْبَةُ مَا بَيْنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْعَشَرَةِ.
وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ.
وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلَى الْأَرْبَعِينَ.
وَقِيلَ: جَمَاعَةٌ يَتَعَصَّبُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا كَالنَّفَرِ وَالرَّهْطِ.
{إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} أَيْ خَطَإٍ بَيِّنٍ فِي إِيثَارِهِ يُوسُفَ وَأَخَاهُ عَلَيْنَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الضَّلَالِ