10

{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11) فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (12) } .

{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ} بَعْدَ بَلَاءٍ أَصَابَهُ، {لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي} زَالَتِ الشَّدَائِدُ عَنِّي، {إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} أَشِرٌ بَطِرٌ، وَالْفَرَحُ: لَذَّةٌ فِي الْقَلْبِ بِنَيْلِ الْمُشْتَهَى، وَالْفَخْرُ: هُوَ التَّطَاوُلُ عَلَى النَّاسِ بِتَعْدِيدِ الْمَنَاقِبِ، وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.

{إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ، مَعْنَاهُ: لَكِنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} فَإِنَّهُمْ إِنْ نَالَتْهُمْ شِدَّةٌ صَبَرُوا، وَإِنْ نَالُوا نِعْمَةً شَكَرُوا، {أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} لِذُنُوبِهِمْ، {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} وَهُوَ الْجَنَّةُ.

{فَلَعَلَّكَ} يَا مُحَمَّدُ، {تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} فُلَا تُبَلِّغُهُ إِيَّاهُمْ. وَذَلِكَ أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ لَمَّا قَالُوا: " ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا " (يُونُسَ -15) لَيْسَ فِيهِ سَبُّ آلِهَتِنَا، هَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدَعَ آلِهَتُهُمْ ظَاهِرًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:

{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ} (?) يَعْنِي: سَبَّ الْآلِهَةِ، {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} أَيْ: فَلَعَلَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ {أَنْ يَقُولُوا} أَيْ: لِأَنْ يَقُولُوا، {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ} يُنْفِقُهُ {أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} يُصَدِّقُهُ، قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ} لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ، {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} حَافِظٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015