{وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) } .
{وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ} يَعْنِي: قَوْلَ الْمُشْرِكِينَ تَمَّ الكلام ها هنا ثُمَّ ابْتَدَأَ، فَقَالَ: {إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ} يَعْنِي الْغَلَبَةَ وَالْقُدْرَةَ لِلَّهِ {جَمِيعًا} هُوَ نَاصِرُكَ، وَنَاصِرُ دِينِكَ، وَالْمُنْتَقِمُ مِنْهُمْ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا يَعْنِي: أَنَّ اللَّهَ يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ " (الْمُنَافِقُونَ -8) ، وَعِزَّةُ الرَّسُولِ وَالْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ فَهِيَ كُلُّهَا لِلَّهِ.
{هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
{أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ} هُوَ اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ: وَأَيُّ شَيْءٍ يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مَنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ؟
وَقِيلَ: وَمَا يَتَّبِعُونَ حَقِيقَةً، لِأَنَّهُمْ يَعْبُدُونَهَا عَلَى ظَنٍّ أَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فَيَشْفَعُونَ لَنَا، وَلَيْسَ عَلَى مَا يَظُنُّونَ. {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} يَظُنُّونَ أَنَّهَا تُقَرِّبُهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، {وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ} يَكْذِبُونَ.
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} مُضِيئًا يُبْصَرُ فِيهِ، كَقَوْلِهِمْ: لَيْلٌ نَائِمٌ وَعِيشَةٌ رَاضِيَةٌ. قَالَ قُطْرُبٌ: تَقُولُ الْعَرَبُ: أَظْلَمَ اللَّيْلُ وَأَضَاءَ النَّهَارُ وَأَبْصَرَ، أَيْ: صَارَ ذَا ظُلْمَةٍ وَضِيَاءٍ وَبَصَرٍ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} سَمْعَ الِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِمَّا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا عَالِمٌ قَادِرٌ.
{قَالُوا} يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ، {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} وَهُوَ قَوْلُهُمُ الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، {سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ} عَنْ خَلْقِهِ، {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} عَبِيدًا وَمُلْكًا، {إِنْ عِنْدَكُمْ} مَا عِنْدَكُمْ، {مِنْ سُلْطَانٍ} حُجَّةٍ وَبُرْهَانٍ، و"مِنْ" صِلَةٌ.
{قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} 171/ألَا يَنْجُونَ، وَقِيلَ: لَا يَبْقَوْنَ فِي الدُّنْيَا وَلَكِنْ: