{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55) هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) } .
{أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ} قِيلَ: مَعْنَاهُ أَهُنَالِكَ؟ وَحِينَئِذٍ، وَلَيْسَ بِحَرْفِ عَطْفٍ، " إِذَا مَا وَقَعَ " نَزَلَ الْعَذَابُ، {آمَنْتُمْ بِهِ} أَيْ بِاللَّهِ فِي وَقْتِ الْيَأْسِ. وَقِيلَ: آمَنْتُمْ بِهِ أَيْ صَدَّقْتُمْ بِالْعَذَابِ وَقْتَ نُزُولِهِ، {آلْآنَ} فِيهِ إِضْمَارٌ، أَيْ: يُقَالُ لَكُمْ: آلْآنَ تُؤْمِنُونَ حِينَ وَقَعَ الْعَذَابُ؟ {وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} تَكْذِيبًا وَاسْتِهْزَاءً.
{ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} أَشْرَكُوا، {ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} فِي الدُّنْيَا.
{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} أَيْ: يَسْتَخْبِرُونَكَ يَا مُحَمَّدُ، {أَحَقٌّ هُوَ} أَيْ: مَا تَعِدُنَا مِنَ الْعَذَابِ وَقِيَامِ السَّاعَةِ، {قُلْ إِي وَرَبِّي} أَيْ: نَعَمْ وَرَبِّي، {إِنَّهُ لَحَقٌّ} لَا شَكَّ فِيهِ، {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} أَيْ: بِفَائِتِينَ مِنَ الْعَذَابِ، لِأَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ فَاتَهُ.
{وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} أَيْ: أَشْرَكَتْ، {مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ} يَوْمَ القيامة، والافتداء ها هنا: بَذْلُ مَا يَنْجُو بِهِ مِنَ الْعَذَابِ. {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ} قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَعْنَاهُ: أَظْهَرُوا النَّدَامَةَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ تَصَبُّرٍ وَتَصَنُّعٍ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَخْفَوْا أَيْ: أَخْفَى الرُّؤَسَاءُ النَّدَامَةَ مِنَ الضُّعَفَاءِ، خَوْفًا من ملامتهم وتعبيرهم، {لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} فَرَغَ مِنْ عَذَابِهِمْ، {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}