مَالِهِ حَتَّى إِنَّهُ خَلَّفَ امْرَأَتَيْنِ يَوْم مَاتَ فَبَلَغَ ثُمُنُ مَالِهِ لَهُمَا مِائَةً وَسِتِّينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ. وَتَصَدَّقَ يَوْمَئِذٍ عَاصِمُ بْنُ عُدَيٍّ الْعَجْلَانِيُّ بِمِائَةِ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ. وَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ الْأَنْصَارِيُّ وَاسْمُهُ الْحَبَّابُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِتُّ لَيْلَتِي أَجُرُّ بِالْجَرِيرِ الْمَاءَ حَتَّى نِلْتُ صَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ فَأَمْسَكْتُ أَحَدَهُمَا لِأَهْلِي وَأَتَيْتُكَ بِالْآخَرِ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْثُرَهُ فِي الصَّدَقَةِ، فَلَمِزَهُمُ الْمُنَافِقُونَ، فَقَالُوا: مَا أَعْطَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَاصِمٌ إِلَّا رِيَاءً، وَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَغَنِيَّانِ عَنْ صَاعِ أَبِي عَقِيلٍ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُذْكِّرَ بِنَفْسِهِ لِيُعْطَى مِنَ الصَّدَقَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (?)
{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ} أَيْ: يَعِيبُونَ {الْمُطَّوِّعِينَ} الْمُتَبَرِّعِينَ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} يَعْنِي: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَعَاصِمًا. {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} أَيْ: طَاقَتُهُمْ، يَعْنِي: أَبَا عَقِيلٍ. وَالْجُهْدُ: الطَّاقَةُ، بِالضَّمِّ لُغَةُ قُرَيْشٍ وَأَهْلِ الْحِجَازِ. وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ بِالْفَتْحِ. قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الْجُهْدُ بِالضَّمِّ الطَّاقَةُ وَبِالْفَتْحِ الْمَشَقَّةُ. {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ} يَسْتَهْزِئُونَ مِنْهُمْ، {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} أَيْ: جَازَاهُمُ اللَّهُ عَلَى السُّخْرِيَةِ، {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .