وَقَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي التَّشْدِيدَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمْ فِي الدِّينِ، {وَالْأَغْلَالَ} يَعْنِي: الْأَثْقَالَ {الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} وَذَلِكَ مِثْلَ: قَتْلِ الْأَنْفُسِ فِي التَّوْبَةِ، وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ الْخَاطِئَةِ، وَقَرْضِ النَّجَاسَةِ عَنِ الثَّوْبِ بِالْمِقْرَاضِ، وَتَعْيِينِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ وَتَحْرِيمِ أَخْذِ الدِّيَةِ، وَتَرَكِ الْعَمَلِ فِي السَّبْتِ، وَأَنَّ صَلَاتَهُمْ لَا تَجُوزُ إِلَّا فِي الْكَنَائِسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشَّدَائِدِ. وَشُبِّهَتْ بِالْأَغْلَالِ الَّتِي تَجْمَعُ الْيَدَ إِلَى الْعُنُقِ. {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ} أَيْ: بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {وَعَزَّرُوهُ} وَقَّرُوهُ، {وَنَصَرُوهُ} عَلَى الْأَعْدَاءِ {وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} يَعْنِي: الْقُرْآنَ {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) }
قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ} أَيْ: آيَاتِهِ وَهِيَ الْقُرْآنُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، وَيَقْرَأُ "كَلِمَتَهُ" {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى} يَعْنِي: بني إسرائيل 139/أ {أُمَّةٌ} أَيْ: جَمَاعَةٌ، {يَهْدُونَ بِالْحَقِّ} أَيْ: يُرْشِدُونَ وَيَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَهْتَدُونَ وَيَسْتَقِيمُونَ عَلَيْهِ، {وَبِهِ يَعْدِلُونَ} أَيْ: بِالْحَقِّ يَحْكُمُونَ وَبِالْعَدْلِ يَقُومُونَ. قَالَ الْكَلْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَالرَّبِيعُ: هُمْ قَوْمٌ خَلْفَ الصِّينِ، بِأَقْصَى الشَّرْقِ عَلَى نَهْرٍ [يُجْرِي الرَّمْلُ] (?) يُسَمَّى نَهْرَ أَوَدَافٍ، لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ مَالٌ دُونَ صَاحِبِهِ، يُمْطَرُونَ بِاللَّيْلِ وَيُصْحَوْنَ بِالنَّهَارِ، وَيَزْرَعُونَ حَتَّى لَا يَصِلَ إِلَيْهِمْ مِنَّا أَحَدٌ، وَهُمْ عَلَى الْحَقِّ (?) .
وَذُكِرَ: أَنَّ جِبْرَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَهَبَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، فَكَلَّمَهُمْ [فَقَالَ لَهُمْ جِبْرِيلُ: هَلْ تَعْرِفُونَ مَنْ تُكَلِّمُونَ؟ قَالُوا: لَا فَقَالَ لَهُمْ: هَذَا مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ فَآمِنُوا بِهِ] (?) فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْصَانَا أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ أَحْمَدَ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ مِنَّا السَّلَامَ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى