{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64) }
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} يَعْنِي الْيَهُودَ سُمُّوا بِهِ لِقَوْلِهِمْ: إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ أَيْ مِلْنَا إِلَيْكَ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ هَادُوا أَيْ تَابُوا عَنْ عِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ مَالُوا عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَعَنْ دِينِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: لِأَنَّهُمْ يَتَهَوَّدُونَ أَيْ يَتَحَرَّكُونَ عِنْدَ قِرَاءَةِ التَّوْرَاةِ وَيَقُولُونَ: إِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ تَحَرَّكَتْ حِينَ آتَى اللَّهُ مُوسَى التَّوْرَاةَ {وَالنَّصَارَى} سُمُّوا بِهِ لِقَوْلِ الْحَوَارِيِّينَ: نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا قَرْيَةً يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، وَقِيلَ: لِاعْتِزَائِهِمْ إِلَى نَصِرَةَ وَهِيَ قَرْيَةٌ كَانَ يَنْزِلُهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ.
{وَالصَّابِئِينَ} قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: وَالصَّابِينَ وَالصَّابُونَ بِتَرْكِ الْهَمْزَةِ وَالْبَاقُونَ بِالْهَمْزَةِ، وَأَصْلُهُ: الْخُرُوجُ، يُقَالُ: صَبَأَ فُلَانٌ أَيْ خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ آخَرَ، وَصَبَأَتِ النُّجُومُ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ مَطَالِعِهَا، وَصَبَأَ نَابُ الْبَعِيرِ إِذَا خَرَجَ، فَهَؤُلَاءِ سُمُّوا بِهِ لِخُرُوجِهِمْ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ، قَالَ عُمَرُ وَابْنُ عَبَّاسٍ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ذَبَائِحُهُمْ ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ وَلَا مُنَاكَحَتُهُمْ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمْ قَبِيلَةٌ نَحْوَ الشَّامِ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالْمَجُوسِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُمْ قَوْمٌ بَيْنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى يَحْلِقُونَ أَوْسَاطَ رُءُوسِهِمْ وَيَجُبُّونَ (?) مَذَاكِيرَهُمْ، وَقَالَ قَتَادَةُ: قَوْمٌ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ وَيَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ، وَيُصَلُّونَ إِلَى الْكَعْبَةِ وَيُقِرُّونَ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَخَذُوا مِنْ كُلِّ دِينٍ شَيْئًا، قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى: انْقَرَضُوا (?) .