«959» وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «خَدَعَهُمَا إِبْلِيسُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الْجَنَّةِ وَمَرَّةً فِي الْأَرْضِ» .

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وُلِدَ لِآدَمَ وَلَدٌ فَسَمَّاهُ عَبْدَ الله فأتاهما إبليس فقال: مَا سَمَّيْتُمَا ابْنَكُمَا؟ قَالَا:

عَبْدَ اللَّهِ، وَكَانَ قَدْ وُلِدَ لَهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَدٌ فَسَمَّيَاهُ عَبْدَ اللَّهِ فَمَاتَ، فَقَالَ إِبْلِيسُ: أَتَظُنَّانِ أَنَّ اللَّهَ تَارِكٌ عَبْدَهُ عِنْدَكُمَا وَاللَّهِ لَيَذْهَبَنَّ بِهِ كَمَا ذَهَبَ بِالْآخَرِ، وَلَكِنْ أَدُلُّكُمْ عَلَى اسْمٍ يَبْقَى لَكُمَا مَا بَقِيتُمَا فَسَمَّيَاهُ عَبْدَ شَمْسٍ.

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، فَذَلِكَ قوله:

[سورة الأعراف (7) : آية 190]

فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190)

. فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً، بَشَرًا سَوِيًّا، جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما، قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَبُو بَكْرٍ «شِرْكًا» بِكَسْرِ الشِّينِ وَالتَّنْوِينِ، أَيْ: شَرِكَةً، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَيْ حَظًّا وَنَصِيبًا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ «شُرَكَاءَ» بِضَمِّ الشِّينِ مَمْدُودًا عَلَى جَمْعِ شَرِيكٍ يَعْنِي إِبْلِيسَ، أَخْبَرَ عَنِ الْوَاحِدِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، أَيْ: جَعَلَا لَهُ شَرِيكًا إِذْ سَمَّيَاهُ عَبْدَ الْحَارِثِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا إِشْرَاكًا فِي الْعِبَادَةِ وَلَا أَنَّ الْحَارِثَ رَبَّهُمَا فَإِنَّ آدَمَ كَانَ نَبِيًّا مَعْصُومًا مِنَ الشِّرْكِ، وَلَكِنْ قَصَدَ إِلَى أَنَّ الْحَارِثَ كَانَ سَبَبَ نَجَاةِ الْوَلَدِ وَسَلَامَةِ أُمِّهِ، وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْعَبْدِ عَلَى مَنْ [لَا] [1] يُرَادُ بِهِ [أَنَّهُ مَمْلُوكٌ كَمَا يُطْلَقُ اسْمُ الرَّبِّ عَلَى من لا يراد] [2] أَنَّهُ مَعْبُودُ، هَذَا كَالرَّجُلِ إِذَا نَزَلَ بِهِ ضَيْفٌ يُسَمِّي نَفْسَهُ عَبَدَ الضَّيْفَ عَلَى وَجْهِ الْخُضُوعِ لا على وجه أَنَّ الضَّيْفَ رَبُّهُ، وَيَقُولُ لِلْغَيْرِ: أَنَا عَبْدُكَ، وَقَالَ يُوسُفُ لِعَزِيزِ مِصْرَ: إِنَّهُ رَبِّي، وَلَمْ يُرِدْ به أنه معبوده وكذلك هَذَا. وَقَوْلُهُ: فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، قِيلَ: هَذَا ابْتِدَاءُ كَلَامٍ وَأَرَادَ بِهِ إِشْرَاكَ أَهْلِ مَكَّةَ، وَلَئِنْ أَرَادَ بِهِ مَا سَبَقَ فَمُسْتَقِيمٌ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى بِهِمَا أَنْ لَا يَفْعَلَا مَا أَتَيَا بِهِ مِنَ الْإِشْرَاكِ فِي الِاسْمِ، وَفِي الْآيَةِ قَوْلٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إِلَى جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةُ، وَمَعْنَاهُ: جعل أولادهما [له] [3] شُرَكَاءَ فَحَذَفَ الْأَوْلَادَ وَأَقَامَهُمَا مَقَامَهُمْ كَمَا أَضَافَ فِعْلَ الْآبَاءِ إِلَى الْأَبْنَاءِ فِي تَعْيِيرِهِمْ بِفِعْلِ الْآبَاءِ، فَقَالَ: ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ، وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً خَاطَبَ بِهِ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ ذلك الفعل من آبائهم. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: خَاطَبَ كُلَّ وَاحِدٍ من الخلق بقوله: خَلَقَكُمْ من نفس واحدة، أَيْ: خَلَقَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَبِيهِ، وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها، أَيْ: جَعَلَ مِنْ جِنْسِهَا زَوْجَهَا، وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ، لَوْلَا قَوْلُ السَّلَفِ مِثْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمُجَاهِدٌ وَسَعِيدُ بن المسيّب وجماعة من الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ فِي آدَمَ وَحَوَّاءَ. وَقِيلَ: هُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، رَزَقَهُمُ اللَّهُ أَوْلَادًا فَهَوَّدُوا وَنَصَّرُوا. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: هُمُ الْكُفَّارُ سَمَّوْا أَوْلَادَهُمْ عَبْدَ الْعُزَّى وَعَبْدَ اللَّاتِ وعبد مناة.

[سورة الأعراف (7) : الآيات 191 الى 194]

أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (192) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ (193) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (194)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015