بِالْمِقْرَاضِ، وَتَعْيِينِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ وَتَحْرِيمِ أَخْذِ الدِّيَةِ، وَتَرَكِ الْعَمَلِ فِي السَّبْتِ، وَأَنَّ صَلَاتَهُمْ لَا تَجُوزُ إِلَّا فِي الْكَنَائِسِ وَغَيْرِ ذلك من التشديد [1] ، شبّهت بِالْأَغْلَالِ الَّتِي تَجْمَعُ الْيَدَ إِلَى الْعُنُقِ. فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ، أَيْ: بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَزَّرُوهُ، وَقَّرُوهُ، وَنَصَرُوهُ، عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ، يَعْنِي: الْقُرْآنَ، أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159)
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ، أَيْ: آيَاتِهِ وَهِيَ الْقُرْآنُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي عِيسَى ابن مريم. ويقرأ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ، [النساء: 171] .
وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْ قَوْمِ مُوسى، يَعْنِي: من بَنِي إِسْرَائِيلَ، أُمَّةٌ، أَيْ: جَمَاعَةٌ، يَهْدُونَ بِالْحَقِّ، أَيْ: يُرْشِدُونَ وَيَدْعُونَ إِلَى الْحَقِّ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ يَهْتَدُونَ وَيَسْتَقِيمُونَ عَلَيْهِ، وَبِهِ يَعْدِلُونَ، أَيْ:
بِالْحَقِّ يَحْكُمُونَ وَبِالْعَدْلِ يَقُومُونَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَالرَّبِيعُ: هُمْ قَوْمٌ خَلْفَ الصِّينِ بِأَقْصَى الشَّرْقِ عَلَى نهر مجرى الرمل يسمّى نهر أردان [2] ، لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ مَالٌ دُونَ صاحبه يمطرون بالليل ويسقون بالنهار ويزرعون، لَا يَصِلَ إِلَيْهِمْ مِنَّا أَحَدٌ وهم على دين الْحَقِّ.
«948» وَذُكِرَ أَنَّ جِبْرَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَهَبَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ إليهم، فَكَلَّمَهُمْ [فَقَالَ لَهُمْ جِبْرِيلُ: هَلْ تَعْرِفُونَ مَنْ تُكَلِّمُونَ؟ قَالُوا: لَا، فَقَالَ لَهُمْ: هَذَا مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ فَآمِنُوا بِهِ] [3] ، فَقَالُوا: يَا رسول الله إن موسى أَوْصَانَا أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ أحمد فليقرأ عليه مني السَّلَامَ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُوسَى وَعَلَيْهِمْ [السلام] [4] ، ثُمَّ أَقْرَأَهُمْ عَشْرَ سُوَرٍ مِنَ القرآن نزلت بِمَكَّةَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا مَكَانَهُمْ وَكَانُوا يَسْبِتُونَ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُجَمِّعُوا [5] وَيَتْرُكُوا السَّبْتَ.
وَقِيلَ: هُمُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنَ الْيَهُودِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.