الْوَجْهِ فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَبْدَأَ فِعْلًا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بذكره، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ سُنَّةٌ، وَقَالُوا: الْوَاوَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الآية للجمع لَا لِلتَّرْتِيبِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ [التوبة: 60] الآية، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِي صَرْفِ الصَّدَقَاتِ إِلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ، وَمَنْ أَوْجَبَ التَّرْتِيبَ أَجَابَ بِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَاعَى التَّرْتِيبَ بَيْنَ أَهْلِ السُّهْمَانِ، وَفِي الْوُضُوءِ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ تَوَضَّأَ إِلَّا مُرَتِّبًا كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبَيَانُ الْكِتَابِ يُؤْخَذُ مِنَ السُّنَّةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا [الْحَجِّ: 77] ، لَمَّا قَدَّمَ ذِكْرَ الرُّكُوعِ عَلَى السُّجُودِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَعَلَ إِلَّا كَذَلِكَ فَكَانَ مراعاة الترتيب فيه واجبا، كذلك الترتيب هاهنا. قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا، أَيِ: اغْتَسِلُوا.
«769» أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ السَّرَخْسِيُّ أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ [عَنْ أَبِيهِ] [1] عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعْرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرْفَاتٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالصَّعِيدِ وَهُوَ التُّرَابُ، مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ، بِمَا فَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ، مِنْ حَرَجٍ: ضِيقٍ، وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ، مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْجَنَابَاتِ وَالذُّنُوبِ، وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: إِتْمَامُ النِّعْمَةِ تَكْفِيرُ الْخَطَايَا بِالْوُضُوءِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ [الْفَتْحِ: 2] ، فَجَعَلَ تَمَامَ نِعْمَتِهِ غُفْرَانَ ذنوبه.
«770» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَلَّالِ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأصم أنا