مَظْعُونٍ الْجُمَحِيِّ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍّ، وَجَمَاعَةٍ كَانُوا يَلْقُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ أَذًى كَثِيرًا قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرُوا، وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لَنَا فِي قِتَالِهِمْ فَإِنَّهُمْ قَدْ آذَوْنَا، فَيَقُولُ لَهُمْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ فَإِنِّي لَمْ أُؤْمَرْ بِقِتَالِهِمْ» ، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ، فَلَمَّا هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى بَعْضِهِمْ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلَمَّا كُتِبَ فُرِضَ، عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ، يَعْنِي: يَخْشَوْنَ مُشْرِكِي مَكَّةَ، كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَيْ: كَخَشْيَتِهِمْ مِنَ الله، أَوْ أَشَدَّ أكبر، خَشْيَةً، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَأَشَدَّ خَشْيَةً، وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ، الجهاد، لَوْلا، هَلَّا، أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ، يَعْنِي: الْمَوْتَ، أَيْ: هَلَّا تَرَكْتَنَا حَتَّى نَمُوتَ بِآجَالِنَا؟ وَاخْتَلَفُوا فِي هؤلاء الذين قالوا ذلك، فقيل: قَالَهُ قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ، لَا يَلِيقُ بِالْمُؤْمِنِينَ، وَقِيلَ: قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَكُونُوا رَاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ قَالُوهُ خَوْفًا وَجُبْنًا لَا اعْتِقَادًا ثُمَّ تَابُوا، وَأَهْلُ الْإِيمَانِ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْإِيمَانِ، وَقِيلَ: هُمْ قَوْمٌ كَانُوا مُؤْمِنِينَ فَلَمَّا فُرِضَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ نَافَقُوا مِنَ الْجُبْنِ وَتَخَلَّفُوا عَنِ الْجِهَادِ، قُلْ: يَا مُحَمَّدُ، مَتاعُ الدُّنْيا أَيْ: مَنْفَعَتُهَا وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ [أي وثواب والآخرة خير و] [1] أفضل، لِمَنِ اتَّقى، الشِّرْكَ وَمَعْصِيَةَ الرَّسُولِ، وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالْيَاءِ وَالْبَاقُونَ تُظْلَمُونَ بِالتَّاءِ.
«667» أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُؤَذِّنُ أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الصَّيْدَلَانِيُّ، أَخْبَرَنَا الْأَصَمُّ، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، أَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ حَدَّثَنِي الْمُسْتَوْرِدُ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ أُصْبُعَهُ فِي اليم فلينظر بم ترجع» .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ أَيْ: يَنْزِلُ بِكُمُ الْمَوْتُ، نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ