أَصْلَحا، يَعْنِي: الْحَكَمَيْنِ، يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما، يَعْنِي: بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَقِيلَ: بَيْنَ الْحَكَمَيْنِ، إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً.

«590» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَطِيبُ أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ أَحْمَدَ الْخَلَّالِ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ أَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِئَامٌ [1] مِنَ النَّاسِ، فَأَمَرَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَبَعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهِلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ:

تدريان ما عليكما؟ [عَلَيْكُمَا] [2] إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقَا فَرَّقْتُمَا، قَالَتِ الْمَرْأَةُ رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّهِ بِمَا عَلَيَّ فِيهِ وَلِي، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ.

وَاخْتَلَفَ الْقَوْلُ فِي جَوَازِ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الزَّوْجَيْنِ وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِلَّا بِرِضَاهُمَا، وَلَيْسَ لِحَكَمِ الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ إلا بإذنه، ولا لحكم المرأة أن يخلع على ما لها إِلَّا بِإِذْنِهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ لِأَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ قَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا، قَالَ: كَذَّبْتَ حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ الَّذِي أَقَرَّتْ بِهِ. فَثَبَتَ أَنَّ تَنْفِيذَ الْأَمْرِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِقْرَارِهِ وَرِضَاهُ [3] وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يَجُوزُ بَعْثُ الْحَكَمَيْنِ دُونَ رِضَاهُمَا، فيجوز لِحَكَمِ الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ دُونَ رضاه ولحكم المرأة أن يختلع دُونَ رِضَاهَا، إِذَا رَأَيَا الصَّلَاحَ [فيه] [4] كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَفْقِ مُرَادِهِمَا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَمَنْ قَالَ بِهَذَا قَالَ:

لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلرَّجُلِ: حَتَّى تُقِرَّ، أَنَّ رِضَاهُ شَرْطٌ بَلْ مَعْنَاهُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ لمّا رَضِيَتْ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا، يعني: ليست الفرقة فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: كذبت، حيث أنكرت أن [تكون] [5] الْفُرْقَةَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، بَلْ هِيَ فِي كِتَابِ [اللَّهِ] [6] فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما يَشْتَمِلُ عَلَى الْفِرَاقِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ التَّوْفِيقَ أَنْ يَخْرُجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنَ الْوِزْرِ وَذَلِكَ تَارَةً يكون بالفراق وتارة بإصلاح [7] حالهما في الوصلة.

[سورة النساء (?) : آية 36]

وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (36)

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ أَيْ: وَحِّدُوهُ وَأَطِيعُوهُ، وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015