الْحَرْبِ فَيَحِلُّ لِمَالِكِهِنَّ وَطْؤُهُنَّ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، لِأَنَّ بِالسَّبْيِ يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ بينهما وبين زوجها.
ع «561» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: بَعَثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ جَيْشًا إِلَى أَوَطَاسٍ فَأَصَابُوا سَبَايَا لَهُنَّ أَزْوَاجٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَكَرِهُوا غَشَيَانَهُنَّ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: أَرَادَ بِقَوْلِهِ: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ أَنْ تَكُونَ أَمَتُهُ [1] فِي نِكَاحِ عَبْدِهِ فَيَجُوزُ أَنْ ينزعها منه [وقال ابن مسعود: أراد أن يبيع الجارية المزوجة فتقع الفرقة بينها [2] وبين زوجها، ويكون بيعها طلاقا فيحل للمشتري وطؤها] [3] ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرَ وَمَعْنَاهُ: أن ما فوق الأربع منهن حرام إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَإِنَّهُ لَا عَدَدَ عَلَيْكُمْ فِي الْجَوَارِي. قَوْلُهُ تَعَالَى: كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ: كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [كِتَابَ اللَّهِ] [4] وَقِيلَ: نُصِبَ عَلَى الْإِغْرَاءِ، أَيْ: الْزَمُوا [كِتَابَ اللَّهِ] [5] عَلَيْكُمْ أَيْ: فَرْضُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلِكُمْ، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وحمزة والكسائي وحفص وَأُحِلَّ بِضَمِّ الْأَوَّلِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، لِقَوْلِهِ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنَّصْبِ، أَيْ: أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ مَا وراء ذلكم، مَا سِوَى ذَلِكُمُ الَّذِي ذَكَرْتُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، أَنْ تَبْتَغُوا، تَطْلُبُوا بِأَمْوالِكُمْ، أن تَنْكِحُوا بِصَدَاقٍ أَوْ تَشْتَرُوا بِثَمَنٍ، مُحْصِنِينَ، أَيْ: مُتَزَوِّجِينَ [أَوْ] [6] مُتَعَفِّفِينَ، غَيْرَ مُسافِحِينَ، أَيْ:
غَيْرُ زَانِينَ، مَأْخُوذٌ مِنْ سَفْحِ الْمَاءِ وَصَبِّهِ وَهُوَ الْمَنِيُّ، فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ، اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: أَرَادَ مَا انْتَفَعْتُمْ وَتَلَذَّذْتُمْ بِالْجِمَاعِ مِنَ النِّسَاءِ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ، أَيْ:
مُهُورُهُنَّ، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ وهو أن تنكح امْرَأَةً إِلَى مُدَّةٍ فَإِذَا انْقَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ بَانَتْ مِنْهُ بِلَا طلاق، ويستبرئ رَحِمهَا وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ، وَكَانَ ذَلِكَ مُبَاحًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«562» أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ أَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَارِسِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ أَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ أَنَا أَبِي أَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِي الرَّبِيعُ بْنُ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الِاسْتِمْتَاعِ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ وَلَا تأخذوا مما آتيتموهنّ شيئا»