مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى [الْحُجُرَاتِ: 13] الْآيَةَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ أَوْلَى الْأَقَاوِيلِ: إِنَّ هَذَا عَلَى النَّدْبِ وَالِاسْتِحْبَابِ، لا على الحتم والإيجاب.

[سورة النساء (?) : الآيات 9 الى 10]

وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10)

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً، أَوْلَادًا صِغَارًا، خافُوا عَلَيْهِمْ، الْفَقْرَ، هَذَا فِي الرَّجُلِ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ، فَيَقُولُ مَنْ بِحَضْرَتِهِ: انْظُرْ لِنَفْسِكَ فَإِنَّ أَوْلَادَكَ وَوَرَثَتَكَ لَا يُغْنُونَ عَنْكَ شَيْئًا، قَدِّمْ لِنَفْسِكَ أَعْتِقْ وَتَصَدَّقْ وَأَعْطِ فُلَانَا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا، حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى عَامَّةِ مَالِهِ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوهُ أَنْ يَنْظُرَ لِوَلَدِهِ وَلَا يَزِيدَ فِي وَصِيَّتِهِ عَلَى الثُّلُثِ، وَلَا يُجْحِفَ بِوَرَثَتِهِ كَمَا أنه لَوْ كَانَ هَذَا الْقَائِلُ هُوَ الموصي لسره أَنْ يَحُثَّهُ مَنْ بِحَضْرَتِهِ عَلَى حفظ ماله لولده، ولا [أن] [1] يَدَعَهُمْ عَالَةً مَعَ ضَعْفِهِمْ وَعَجْزِهِمْ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هَذَا الْخِطَابُ لِوُلَاةِ اليتامى يقول: من كان [منهم] [2] فِي حِجْرِهِ يَتِيمٌ فَلْيُحْسِنْ إِلَيْهِ وليأت في حقه ما يحب أَنْ يُفْعَلَ بِذَرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً، أَيْ: عَدْلًا، وَالسَّدِيدُ: الْعَدْلُ، وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ، وَهُوَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِأَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا دون الثّلث ويخلّف الباقي لورثته.

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً، قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنْ بَنِي غَطْفَانَ، يُقَالُ لَهُ مَرْثَدُ بْنُ زَيْدٍ وَلِيَ مَالَ ابْنِ أَخِيهِ وَهُوَ يَتِيمٌ صَغِيرٌ فَأَكَلَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ [3] إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً أي: حَرَامًا بِغَيْرِ حَقٍّ، إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا، أَخْبَرَ عَنْ مَآلِهِ، أَيْ عَاقِبَتُهُ تَكُونُ كَذَلِكَ، وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً، قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ: يَدْخُلُونَهَا [4] ، يُقَالُ:

صَلِيَ النار يصلاها صلا وصلاء [5] ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (163) [الصَّافَّاتِ: 163] ، وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ: يَدْخُلُونَ النَّارَ وَيُحْرَقُونَ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا [النِّسَاءِ: 30] سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) [الْمُدَّثِّرِ: 26] وَفِي الْحَدِيثِ:

ع «531» قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي قَوْمًا لَهُمْ مَشَافِرُ كَمَشَافِرِ الْإِبِلِ، إِحْدَاهُمَا قَالِصَةٌ عَلَى مِنْخَرَيْهِ وَالْأُخْرَى عَلَى بَطْنِهِ، وَخَزَنَةُ النَّارِ يُلَقِّمُونَهُمْ جَمْرَ جَهَنَّمَ وَصَخْرَهَا، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ:

الَّذِينَ يأكلون أموال اليتامى ظلما» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015