[سورة آل عمران (?) : الآيات 181 الى 182]

لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ مَا قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (181) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (182)

قَوْلُهُ تَعَالَى: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ، قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: لَمَّا نَزَلَتْ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [البقرة: 245] قَالَتِ الْيَهُودُ: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ يستقرض مِنَّا وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ، وَذَكَرَ الْحَسَنُ أَنَّ قَائِلَ [هَذِهِ الْمَقَالَةِ] [1] حُيَيُّ بن أخطب.

ع «500» وَقَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: كَتَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ [الصِّدِّيقُ] [2] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى يَهُودِ بَنِي قَيْنُقَاعَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَإِلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَأَنْ يُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَاتَ يَوْمٍ بيت مدراسهم فَوَجَدَ نَاسًا كَثِيرًا مِنَ الْيَهُودِ قَدِ اجْتَمَعُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُ فِنْحَاصُ بْنُ عَازُورَاءَ وَكَانَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ، وَمَعَهُ حَبْرٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: أَشْيَعُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِفِنْحَاصَ: اتَّقِ اللَّهَ وأسلم فو الله إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ جَاءَكُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ، فَآمِنْ وَصَدِّقْ وَأَقْرِضِ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُدْخِلْكَ الْجَنَّةَ، وَيُضَاعِفْ لَكَ الثَّوَابَ، فَقَالَ فِنْحَاصُ: يَا أَبَا بَكْرٍ تَزْعُمُ أَنَّ رَبَّنَا يَسْتَقْرِضُ أَمْوَالَنَا وَمَا يَسْتَقْرِضُ إِلَّا الْفَقِيرُ مِنَ الْغَنِيِّ؟ فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَإِنَّ الله إذا الفقير وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ، وَإِنَّهُ يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيُعْطِينَا، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا مَا أَعْطَانَا الرِّبَا، فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَضَرَبَ وَجْهَ فِنْحَاصَ ضَرْبَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ يَا عُدُوَّ اللَّهِ، فَذَهَبَ فِنْحَاصُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ انْظُرْ مَا صَنَعَ بِي صَاحِبُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ» ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ قَالَ قَوْلًا عَظِيمًا زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ فقير وهم أَغْنِيَاءُ، فَغَضِبْتُ لِلَّهِ فَضَرَبْتُ وَجْهَهُ، فَجَحَدَ ذَلِكَ فِنْحَاصُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى [تكذيبا و] [3] رَدًّا عَلَى فِنْحَاصَ وَتَصْدِيقًا لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ، سَنَكْتُبُ مَا قالُوا، مِنَ الْإِفْكِ وَالْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ فَنُجَازِيهِمْ بِهِ، وقال مقاتل: سيحفظ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: سَنَأْمُرُ الْحَفَظَةَ بِالْكِتَابَةِ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ [الأنبياء: 94] ، وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ، قَرَأَ حَمْزَةُ سَيُكْتَبُ بِضَمِّ الْيَاءِ، وَقَتْلُهُمْ بِرَفْعِ اللام ويقول بالياء، وذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ أَيِ: النَّارِ، وَهُوَ بمعنى المحرق، كما يقال: وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، أَيْ: مُؤْلِمٌ.

ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) ، فَيُعَذِّبُ بِغَيْرِ ذنب.

[سورة آل عمران (?) : الآيات 183 الى 185]

الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (183) فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ (184) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (185)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015