يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْدَعْنَ الْآذَانَ وَالْأُنُوفَ حَتَّى اتَّخَذَتْ هِنْدٌ مِنْ ذَلِكَ قَلَائِدَ، وَأَعْطَتْهَا وحشيا وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُسِيغَهَا فَلَفَظَتْهَا، وأقبل عبد الله بن قميئة يُرِيدُ قَتْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم فذبّ عنه مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ- وَهُوَ صَاحِبُ رَايَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَتَلَهُ ابن قميئة، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ قَتَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ: إِنِّي قَتَلْتُ مُحَمَّدًا وَصَاحَ صَارِخٌ أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، وَيُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ الصَّارِخَ [كَانَ] [1] إِبْلِيسَ لعنة الله عليه، فَانْكَفَأَ النَّاسُ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو النَّاسَ: «إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ» ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلَاثُونَ رَجُلًا فَحَمَوْهُ حَتَّى كَشَفُوا عَنْهُ الْمُشْرِكِينَ، وَرَمَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حَتَّى انْدَقَّتْ سِيَةُ قَوْسِهِ، وَنَثَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِنَانَتَهُ، وَقَالَ لَهُ: «ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي» ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلًا رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ [معه] [2] بِجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ فَيَقُولُ: انْثُرْهَا لِأَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ إِذَا رَمَى استشرف النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ، وَأُصِيبَتْ يَدُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَيَبِسَتْ حِينَ وَقَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُصِيبَتْ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ يومئذ حتى [3] وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَرَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانَهَا، فَعَادَتْ كَأَحْسَنِ مَا كَانَتْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَهُ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، وَهُوَ يَقُولُ: لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَوْتَ، فَقَالَ القوم: يا رسول الله لا يَعْطِفَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَّا؟
فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعُوهُ» حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْهُ، وَكَانَ أُبَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ يَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيقول [له] : عِنْدِي رَمْكَةٌ أَعْلِفُهَا كُلَّ يَوْمٍ فَرْقَ ذُرَةٍ أَقْتُلُكَ عَلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أَنَا أَقْتُلُكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ تَنَاوَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَرْبَةَ مِنَ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُ فَطَعَنَهُ فِي عُنُقِهِ، فَخَدَشَهُ خَدْشَةً فَتَدَهْدَأَ عَنْ فَرَسِهِ وَهُوَ يَخُورُ كَمَا يَخُورُ الثَّوْرُ، وَيَقُولُ: قَتَلَنِي مُحَمَّدٌ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا: لَيْسَ عَلَيْكَ بأس، فقال: بَلَى لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الطَّعْنَةُ بِرَبِيعَةَ وَمُضَرَ لَقَتَلَتْهُمْ، أَلَيْسَ قَالَ لِي: أَقْتُلُكَ؟ فَلَوْ بَزَقَ عَلَيَّ بَعْدَ تِلْكَ الْمَقَالَةِ لَقَتَلَنِي، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَوْمًا حَتَّى مَاتَ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ سَرِفَ.
«461» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] [4] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ [حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ] [5] أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ أَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ نَبِيٌّ وَاشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم.
ع «462» قَالُوا: وَفَشَا فِي النَّاسِ أَنَّ مُحَمَّدًا [قَدْ] [6] قُتِلَ فَقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ: لَيْتَ لَنَا رَسُولًا إِلَى