وَأَتَصَدَّقُ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَوَّادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ، وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ الله فيقول الله له: فيما ذا قُتِلْتَ؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَمَرْتَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ، فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ، فَيَقُولُ اللَّهُ: كَذَبْتَ، وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: كَذَبْتَ، وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَلِكَ، ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقٍ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يوم القيامة» .

[سورة البقرة (?) : الآيات 265 الى 266]

وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَأَصابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266)

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ، أَيْ: طَلَبَ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى، وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ، قَالَ قَتَادَةُ: احْتِسَابًا، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالْكَلْبِيُّ: تَصْدِيقًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ، أَيْ: يُخْرِجُونَ الزَّكَاةَ طَيِّبَةً بِهَا أَنْفُسُهُمْ عَلَى يقين بالثواب [من الله] [1] ، وَتَصْدِيقٍ بِوَعْدِ اللَّهِ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا أَخْرَجُوا خَيْرٌ لَهُمْ مِمَّا تَرَكُوا، وَقِيلَ: عَلَى يَقِينٍ بِإِخْلَافِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ: يتثبتون أين [2] يَضَعُونَ أَمْوَالَهُمْ، قَالَ الْحَسَنُ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ تَثَبَّتَ، فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ أَمْضَى، وَإِنْ خالطه شَكٌّ أَمْسَكَ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ التَّثْبِيتُ بِمَعْنَى التَّثَبُّتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [الْمُزَّمِّلِ: 8] ، أَيْ: تَبَتُّلًا، كَمَثَلِ جَنَّةٍ، أَيْ: بُسْتَانٍ، قَالَ الْمُبَرِّدُ وَالْفَرَّاءُ: إِذَا كَانَ فِي الْبُسْتَانِ نَخْلٌ فَهُوَ جَنَّةٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ كَرْمٌ فَهُوَ فِرْدَوْسٌ، بِرَبْوَةٍ، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ بِرَبْوَةٍ وإِلى رَبْوَةٍ [المؤمنون: 50] فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَقَرَأَ الْأَخَرُونَ بِضَمِّهَا، وَهِيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ الْمُسْتَوِي الَّذِي تَجْرِي فِيهِ الْأَنْهَارُ فَلَا يَعْلُوهُ الْمَاءُ [وَلَا يَعْلُو عَنِ الْمَاءِ] [3] ، وَإِنَّمَا جَعَلَهَا بِرَبْوَةٍ لِأَنَّ النَّبَاتَ عَلَيْهَا أَحْسَنُ وَأَزْكَى، أَصابَها وابِلٌ مَطَرٌ شَدِيدٌ كَثِيرٌ، فَآتَتْ أُكُلَها: ثَمَرَهَا، قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالتَّثْقِيلِ، وَزَادَ نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ تَخْفِيفَ «أُكُلِهِ» و «الأكل» وَخَفَّفَ أَبُو عَمْرٍو «رُسُلَنَا، وَرُسُلَكُمْ، وَرُسُلَهُمْ، وَسُبُلَنَا» ضِعْفَيْنِ، أَيْ: أَضْعَفَتْ فِي الْحَمْلِ، قَالَ عَطَاءٌ: حَمَلَتْ في سنة مِنَ الرِّيعِ مَا يَحْمِلُ غَيْرُهَا فِي سَنَتَيْنِ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: حَمَلَتْ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ، أَيْ: فَطَشٌّ وَهُوَ الْمَطَرُ الضَّعِيفُ الْخَفِيفُ، وَيَكُونُ دَائِمًا، قَالَ السُّدِّيُّ: هُوَ النَّدَى. هو مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِعَمَلِ الْمُؤْمِنَ الْمُخْلِصِ، فَيَقُولُ: كَمَا أَنَّ هذه الجنّة تربع فِي كُلِّ حَالٍ وَلَا تَخَلَّفُ سَوَاءٌ قَلَّ الْمَطَرُ أَوْ كَثُرَ، كَذَلِكَ يُضْعِفُ اللَّهُ صَدَقَةَ الْمُؤْمِنَ الْمُخْلِصِ الَّذِي لَا يَمُنُّ وَلَا يؤذي [بها] [4] سَوَاءٌ قَلَّتْ نَفَقَتُهُ أَوْ كَثُرَتْ، وَذَلِكَ أَنَّ الطَّلَّ إِذَا كَانَ يَدُومُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْوَابِلِ الشَّدِيدِ، وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.

أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، [هَذِهِ الْآيَةُ مُتَّصِلَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى، قَوْلُهُ أَيَوَدُّ يَعْنِي: أَيُحِبُّ أحدكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015