ثم ذكر ما أعد المؤمنين فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) ، وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَابِ الْقَسَمِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: جَوَابُهُ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (4) ، يَعْنِي لَقَدْ قُتِلَ، وَقِيلَ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ تَقْدِيرُهُ: قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ. وَقَالَ قَتَادَةُ:
جَوَابُهُ:
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ أَخْذَهُ بِالْعَذَابِ إِذَا أَخَذَ الظَّلَمَةَ لَشَدِيدٌ، كَقَوْلِهِ:
إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هُودٍ: 102] .
إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (13) ، أي بخلقهم أَوَّلًا فِي الدُّنْيَا ثُمَّ يُعِيدُهُمْ أَحْيَاءً بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَهُوَ الْغَفُورُ، لِذُنُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، الْوَدُودُ، الْمُحِبُّ لَهُمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْمَوْدُودُ، كَالْحَلُوبِ وَالرَّكُوبِ، بِمَعْنَى الْمَحْلُوبِ وَالْمَرْكُوبِ. وَقِيلَ: يَغْفِرُ وَيَوَدُّ أَنْ يَغْفِرَ، وَقِيلَ: الْمُتَوَدِّدُ إِلَى أَوْلِيَائِهِ بِالْمَغْفِرَةِ.
ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) ، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ الْمَجِيدِ بِالْجَرِّ عَلَى صِفَةِ الْعَرْشِ أَيِ السَّرِيرِ الْعَظِيمِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ حُسْنَهُ فَوَصَفَهُ بِالْمَجْدِ كَمَا وَصَفَهُ بِالْكَرَمِ، فَقَالَ: رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [الْمُؤْمِنُونَ: 116] ، [وَمَعْنَاهُ الْكَمَالُ، وَالْعَرْشُ: أَحْسَنُ الْأَشْيَاءِ وَأَكْمَلُهَا] [1] ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى صِفَةِ «ذُو الْعَرْشِ» .
فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (16) ، لَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ يُرِيدُهُ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ شَيْءٌ طَلَبَهُ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) ، قَدْ أَتَاكَ خَبَرُ الْجُمُوعِ الْكَافِرَةِ الَّذِينَ تَجَنَّدُوا عَلَى الأنبياء، ثُمَّ بَيَّنَ مَنْ هُمْ؟
فَقَالَ: فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا، مِنْ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ، فِي تَكْذِيبٍ، لك وللقرآن كدأب مِنْ قَبْلِهِمْ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِ.
وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ (20) ، عَالِمٌ بِهِمْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، يَقْدِرُ أَنْ يُنْزِلَ بِهِمْ مَا أَنْزَلَ بِمَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ.
بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)
بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) ، كَرِيمٌ شريف كثير الخير، ليس كمازعم الْمُشْرِكُونَ أَنَّهُ شِعْرٌ وَكِهَانَةٌ.
فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22) ، قَرَأَ نَافِعٌ مَحْفُوظٌ بِالرَّفْعِ عَلَى نَعْتِ الْقُرْآنِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ مَحْفُوظٌ مِنَ التَّبْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ وَالتَّحْرِيفِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9) [الحجر: 9] ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْجَرِّ عَلَى نَعْتِ اللوح وهو الذي يعرف باللوح المحفوظ، وَهُوَ أُمُّ الْكِتَابِ، وَمِنْهُ نُسِخَ [2] الْكُتُبُ، مَحْفُوظٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ، وَمِنَ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالنُّقْصَانِ.
«2328» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيِّ أنا الحسين بن محمد بن