قَتَادَةُ: هِيَ النُّجُومُ تَبْدُو بِاللَّيْلِ تخنس بِالنَّهَارِ، فَتُخْفَى فَلَا تُرَى. وَعَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا: أَنَّهَا الْكَوَاكِبُ تَخْنَسُ بالنهار فلا ترى، وتكنس بالليل فتأوي إِلَى مَجَارِيهَا. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ النُّجُومُ الْخَمْسَةُ زُحَلُ وَالْمُشْتَرَي وَالْمِرِّيخُ وَالزُّهَرَةُ وَعُطَارِدُ، تَخْنَسُ فِي مَجْرَاهَا أَيْ تَرْجِعُ وَرَاءَهَا وَتَكْنَسُ تَسْتَتِرُ وَقْتَ اخْتِفَائِهَا وَغُرُوبِهَا، كَمَا تَكْنَسُ الظِّبَاءُ فِي مُغَارِهَا. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مَعْنَى الْخُنَّسِ أَنَّهَا تَخْنَسُ أَيْ تَتَأَخَّرُ عَنْ مَطَالِعِهَا فِي كُلِّ عَامٍ تَأَخُّرًا تَتَأَخَّرُهُ عَنْ تَعْجِيلِ ذَلِكَ الطُّلُوعِ، تَخْنَسُ عَنْهُ بتأخرها. والكنس أَيْ تَكْنَسُ بِالنَّهَارِ فَلَا تُرَى.
وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهَا هِيَ الْوَحْشُ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هِيَ الظِّبَاءُ. وَهِيَ رِوَايَةُ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَأَصْلُ الْخُنُوسِ: الرُّجُوعُ إِلَى وَرَاءُ، وَالْكُنُوسُ أَنْ تَأْوِيَ إِلَى مَكَانِسِهَا، وَهِيَ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَأْوِي إِلَيْهَا الْوُحُوشُ.
وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ (17) ، قَالَ الْحَسَنُ: أَقْبَلَ بِظَلَامِهِ. وَقَالَ الْآخَرُونَ أَدْبَرَ. تَقُولُ الْعَرَبُ: عَسْعَسَ اللَّيْلُ وَسَعْسَعَ إِذَا أَدْبَرَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ إِلَّا الْيَسِيرُ.
وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (18) ، أَقْبَلَ وَبَدَا أَوَّلُهُ وَقِيلَ امْتَدَّ ضَوْءُهُ وَارْتَفَعَ.
إِنَّهُ، يَعْنِي الْقُرْآنَ، لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، يَعْنِي جِبْرِيلَ أَيْ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى.
ذِي قُوَّةٍ، وَكَانَ مِنْ قُوَّتِهِ أنه اقتلع قويات قَوْمِ لُوطٍ مِنَ الْمَاءِ الْأَسْوَدِ وَحَمَلَهَا عَلَى جَنَاحِهِ فَرَفَعَهَا إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَلَبَهَا، وَأَنَّهُ أَبْصَرَ إِبْلِيسَ يُكَلِّمُ عِيسَى عَلَى بَعْضِ عُقَابِ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَنَفَخَهُ بِجَنَاحِهِ نَفْخَةً أَلْقَاهُ إِلَى أَقْصَى جَبَلٍ بِالْهِنْدِ، وَأَنَّهُ صَاحَ صَيْحَةً بِثَمُودَ فَأَصْبَحُوا جَاثِمِينَ، وَأَنَّهُ يَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ وَيَصْعَدُ فِي أسرع من الطرف، عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، فِي الْمَنْزِلَةِ.
مُطاعٍ ثَمَّ، أَيْ فِي السموات تُطِيعُهُ الْمَلَائِكَةُ وَمِنْ طَاعَةِ الْمَلَائِكَةِ إياه أنهم فتحوا أبواب السموات لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، بِقَوْلِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتَحَ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ أَبْوَابَهَا بِقَوْلِهِ، أَمِينٍ، عَلَى وَحْيِ اللَّهِ وَرِسَالَتِهِ إِلَى أَنْبِيَائِهِ.
وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) ، يَقُولُ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَمَا صَاحِبُكُمْ يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَجْنُونٍ. وَهَذَا أَيْضًا مِنْ جَوَابِ الْقَسَمِ أَقْسَمَ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا لَيْسَ كَمَا يَقُولُهُ أَهْلُ مَكَّةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهُ مَجْنُونٌ، وَمَا يَقُولُ يَقُولُهُ مِنْ عِنْدِ نفسه.
وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (27)
لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (29)
وَلَقَدْ رَآهُ، يَعْنِي رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى صُورَتِهِ، بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ، وَهُوَ الْأُفُقُ الْأَعْلَى مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ.
«2313» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنِي ابْنُ فَنْجَوَيْهِ ثنا