مكية [وهي ست وأربعون آية] [1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (?) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (?)
وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (?) ، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ تَنْزِعُ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ مِنْ أَجْسَادِهِمْ، كَمَا يُغْرِقُ النَّازِعُ فِي الْقَوْسِ فَيَبْلُغُ بِهَا غَايَةَ الْمَدِّ، [بَعْدَ مَا نزعها حتى إذا كادت أن تَخْرُجُ رَدَّهَا فِي جَسَدِهِ فَهَذَا عمله بالكفار] [2] والغرق اسْمٌ أُقِيمَ مَقَامَ الْإِغْرَاقِ، أَيْ وَالنَّازِعَاتِ إِغْرَاقًا وَالْمُرَادُ بِالْإِغْرَاقِ الْمُبَالَغَةُ في المد، وقال ابْنُ مَسْعُودٍ: يَنْزِعُهَا مَلَكُ الْمَوْتِ مِنْ تَحْتِ كُلِّ شَعْرَةٍ وَمِنَ الْأَظَافِيرِ وَأُصُولِ الْقَدَمَيْنِ، وَيُرَدِّدُهَا فِي جسده بعد ما يَنْزِعُهَا حَتَّى إِذَا كَادَتْ تَخْرُجُ ردها في جسده بعد ما يَنْزِعُهَا، فَهَذَا عَمَلُهُ بِالْكُفَّارِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ مَلَكُ الْمَوْتِ وَأَعْوَانُهُ يَنْزِعُونَ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ كَمَا يُنْزَعُ السَّفُّودُ الْكَثِيرُ الشُّعَبِ مِنَ الصُّوفِ الْمُبْتَلِّ، فَتَخْرُجُ نَفْسُهُ كَالْغَرِيقِ فِي الْمَاءِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْمَوْتُ يَنْزِعُ النُّفُوسَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: هِيَ النَّفْسُ حين تغرق في الصدر. قال الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَابْنُ كَيْسَانَ: هِيَ النُّجُومُ تُنْزَعُ مِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ تَطْلُعُ ثُمَّ تَغِيبُ. وَقَالَ عَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ: هِيَ الْقِسِيُّ. وَقِيلَ:
هي الغزاة الرماة.
وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (?) ، هِيَ الْمَلَائِكَةُ تُنْشِطُ نَفْسَ الْمُؤْمِنِ، أَيْ تَحِلُّ حَلًّا رَفِيقًا فَتَقْبِضُهَا، كَمَا يُنْشَطُ الْعِقَالُ مِنْ يَدِ الْبَعِيرِ، أَيْ يُحَلُّ بِرِفْقٍ، حَكَى الفَّراءُ هَذَا الْقَوْلَ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ أَنْ يَقُولُوا: أَنْشَطْتُ الْعِقَالَ إذا حللته ونشطته إِذَا عَقَدْتُهُ بِأُنْشُوطَةٍ.
«2307» وَفِي الْحَدِيثِ: «كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ» .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ تَنْشَطُ لِلْخُرُوجِ عِنْدَ الْمَوْتِ، لِمَا يَرَى مِنَ الْكَرَامَةِ لِأَنَّهُ تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: هِيَ الْمَلَائِكَةُ تَنْشَطُ أَرْوَاحَ الْكُفَّارِ مِمَّا بَيْنَ الْجِلْدِ وَالْأَظْفَارِ حَتَّى تُخْرِجَهَا مِنْ أَفْوَاهِهِمْ بِالْكَرْبِ وَالْغَمِّ، وَالنَّشْطُ: الْجَذْبُ وَالنَّزْعُ، يُقَالُ: نَشَطْتُ الدَّلْوَ نَشْطًا إِذَا نَزَعْتُهَا. قَالَ الْخَلِيلُ:
النَّشْطُ وَالْإِنْشَاطُ مَدُّكَ الشَّيْءَ إِلَى نَفْسِكَ، حَتَّى يَنْحَلَّ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْمَوْتُ يُنَشِّطُ النُّفُوسَ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: هِيَ النَّفْسُ تَنْشَطُ مِنَ الْقَدَمَيْنِ أَيْ تُجْذَبُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ النُّجُومُ تَنْشَطُ مِنْ أُفُقٍ إِلَى أُفُقٍ، أَيْ تَذْهَبُ، يُقَالُ: نَشِطَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ إِذَا خَرَجَ فِي سُرْعَةٍ، وَيُقَالُ حِمَارٌ نَاشِطٌ يَنْشَطُ مِنْ بلد إلى بلد، وقال